وصل
في مراتب الاستقامة
وإذ قد ذكرنا نبذا من أقسام الناس في مراتب الهداية والاهتداء ، فلنذكر ما يختصّ بالاستقامة.
اعلم ، أنّ الناس في الاستقامة على سبعة أقسام : مستقيم بقوله وفعله وقلبه ، ومستقيم بقلبه وفعله دون قوله ، ولهذين الفوز ، والأوّل أعلى ، ومستقيم بفعله وقوله دون قلبه ، وهذا يرجى له النفع بغيره ، ومستقيم بقوله وقلبه دون فعله ، ومستقيم بقوله دون فعله وقلبه ، ومستقيم بقلبه دون فعله وقوله ، ومستقيم بفعله دون قلبه وقوله ، وهؤلاء عليهم لا لهم وإن كان بعضهم فوق بعض.
وليس المراد بالاستقامة في القول هنا ترك الغيبة والنميمة وشبههما ؛ فإنّ الفعل يشمل ذلك ، وإنّما المراد بالاستقامة في القول إرشاد الغير بقوله إلى الصراط المستقيم ، وقد يكون عريّا ممّا يرشد إليه ، وسنجمع الأمر (١) لك في مثال واحد موضح ، فنقول :
مثاله : رجل تفقّه في أمر صلاته وحقّقها ، ثم علّمها غيره ، فهذا مستقيم في قوله ، ثم حضر وقتها فأدّاها على نحو ما علّمها ، محافظا على أركانها الظاهرة ، فهذا مستقيم في فعله ، ثم علم أنّ مراد الله منه من تلك الصلاة حضور قلبه معه فيها ، فأحضره ، فهذا مستقيم بقلبه. وقس على ذلك بقية الأقسام ، تصب ـ إن شاء الله ـ
__________________
(١) ق : لك الأمر.