وصل
وإذ قد يسّر الله في ذكر أسرار ظاهر هذه الآية وباطنها بعد ثم حدّها الذي فرغنا منه الآن ما يسّر ، فلنشرع في الكلام عليها بما يقتضيه سرّ المطلع ، ولسانه ، ثم لسان الجمع على سبيل الإلماع حسب التيسير ، والله المرشد.
مراتب الهداية والضلال
اعلم ، أنّ الهداية ضدّ الضلال ، ولكلّ منهما ثلاث مراتب ، وصفة الضلال ـ الذي هو الحيرة ـ اللاتعيّن ، والتعيّن للهداية ، والسرّ في تقديم (١) حكم ضلالة الإنسان على هدايته هو تقدّم حكم الشأن المطلق الإلهي الذاتي ، من حيث غيب هويّته ، على نفس التعيّن ، كتقدّم الوحدة والإجمال والإبهام والعجمة ، على (٢) الكثرة والتفصيل والإيضاح والإعراب.
وتذكّر ما بيّن لك في صدر الكتاب عند الكلام على سرّ الإيجاد وبدئه ، وتقدّم مقام كان الله ولا شيء معه ولا اسم ولا صفة ولا حال ولا حكم ، على التعيّن الأوّل المختصّ بحضرة أحديّة الجمع ـ المنبّه عليه في صدر الكتاب ومنذ قريب أيضا ـ المعيّن لمفاتح (٣) الغيب. وكذا فلتتذكّر تقدّم حضرة أحديّة الجمع ، على الكينونة العمائيّة الثابتة في الشرع والتحقيق والمقول (٤) بلسانها «كنت كنزا لم أعرف ، فأحببت أن أعرف (٥) ، وتقدّم السرّ النوني على الأمر
__________________
(١) ق : تقدّم.
(٢) ق : على لسان الكثرة.
(٣) ه : لمفاتيح.
(٤) ق : والقول.
(٥) أحاديث مثنوى ، ص ٢٨.