وما إليه انجذبت ، والاعتدال في كلّ مقام وحال وغيرهما وسط ، ومن مال عنه انحرف ، ولا ينحرف إلّا منجذب بكلّه أو أكثره إلى الأقلّ. (١) ومن تساوت في حقّه أطراف دائرة كلّ مقام ينزل فيه أو يمرّ عليه ويثبت في مركزه هيولانيّ الوصف ، حرّا من قيود الأحكام والرسوم ، معطيا كلّ جاذب وداع حقّه وقسطه (٢) منه فقط ، وهو ـ من حيث ما عدا ما تعيّن منه بالإقساط ـ باق على أصل إطلاقه وسذاجة (٣) طلسه (٤) ، دون وصف ولا حال معيّن ولا حكم ولا اسم ، فهو الرجل التابع ربّه في شؤونه ، حيث (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ؛ (٥) أي بيّن وأوضح كما قال الشيخ الكامل (٦) :
أصلّي إذا صلّت وأشدو (٧) إذا شدت |
|
ويتبعها قلبي إذا هي ولّت (٨) |
فافهم ، وتذكّر ما مرّ في هذا الباب عند الكلام في سرّ الوجهة ، وسرّ «إيّاك نعبد» بلسان الجمع الكمالي ، وما سبق ذكره قبل ذلك أيضا ، عساك تعرف ما أشير إليه.
مراتب الاعتدال
ثم نقول : اعلم ، أنّ للاعتدال مرتبة غيبيّة إلهيّة ؛ هي عبارة عن الصورة المعنويّة ، والهيئة الغيبيّة ، والمتعقّلة والمتحصّلة من الاجتماع الأزلي الواقع بحكم الجمع الأحدي بين الأسماء الذاتيّة الأصليّة في العماء ـ الذي هو حضرة النكاح الأوّل ، الذي ظهر به القلم الأعلى ـ والأرواح المهيّمة وهي أمّ الكتاب.
فمن تعيّنت مرتبة عينه فيها ، بحيث تكون توجّهات أحكام الأسماء والأعيان إليه توجّها متناسبا ، وينتظم في حقّه انتظاما معتدلا ، مع عدم استهلاك حكم شيء منها في غيره ، وبقاء اختلافها بحاله على صورة الأصل ، وإن ظهرت الغلبة لبعضها على البعض كالأمر في المزاج العنصريّ ، كان (٩) مقامه الروحاني من حيث الصفات والأفعال والأحوال الروحانيّة
__________________
(١) ق : للأقلّ.
(٢) ق : قسط.
(٣) ه : سداحة.
(٤) ه : طلسته.
(٥) طه (٢٠) الآية ٥٠.
(٦) ق : لا توجد.
(٧) ه : أشذ وإذا شذت.
(٨) ق : دلت.
(٩) ق : كان في.