الدرهم ، تعس عبد الخميصة».
والضابط في هذا المعنى : أنّ التأثير مطلقا ـ حيث كان ـ لسرّ الربوبيّة ، والانفعال مطلقا لمعنى العبوديّة ، وقد أسلفنا أنّ الكامل لا يؤثّر أصلا ، إنّما هو مرآة تامّة صحيحة الهيئة ، يظهر كلّ منطبع فيها بحسب ما هو عليه في نفسه ، فاذكر ، تعرف سرّ ما سبقت الإشارة إليه.
وهاتان العبادتان هما في مقابلة رحمة الوجوب ، ورحمة الامتنان المذكورتين من قبل ، وكما أنّ في رحمة الوجوب رائحة التكليف ، ورحمة الامتنان مطلقة لا إيجاب فيها ولا التزام ، كذلك العبادة الذاتيّة التي لا تكليف فيها ، وليست من نتائج الأمر ، وإنّما متعلّق الأمر والتكليف العبادة المقيّدة الصفاتيّة ، المشار إليها رأفة من الله ورحمة ، واحتياطا وتحذيرا من ميل الإنسان بجاذب إحدى صفاته إليها ، فيحصل (١) بذلك الميل الذاتي لتلك الصفة الغلبة على غيرها من الصفات ، بحيث تستهلك أحكام باقي الصفات التي بظهور سلطنتها يحصل الاستكمال المتوقّف على حفظ الصحّة والاعتدال الروحاني والمعنوي ، المختصّ بالمزاجين المتحصّلين من الاجتماعات الواقعة بين الأرواح وقواها الباطنة ، وبين الصفات وغيرها من المعاني المجرّدة ، وقد سبق التنبيه على ذلك في تفسير اسم «الربّ» منذ (٢) قريب ، فاذكر.
العمل والعبادة
ثم نقول : اعلم ، أنّ العمل جسد وروحه العبادة ، فالعمل يطلب الثواب من جنّة وغيرها ، لكن لا مطلقا ، بل من حيث يستند إلى أصل وحدانيّ المرتبة ، شامل الحكم. والعبادة تطلب المعبود. والعبادات من أحوال الروح ، والأعمال تختصّ (٣) بالبدن ، أو بما تنضاف إلى الروح باعتبار تعلّقه بالبدن وتلبّسه بأحكامه الطبيعيّة ، وظهوره بحسب أحكام أصباغها ، وحضور العبد بصفة الذلّ بين يدي عزّ ربّه في كلّ فعله من طاعة وغيرها من أحوال العارفين الذين يصدرون الأعمال مصحوبة بالحياة الرفيعة ، التي أوجبها علمهم وحضورهم مع مشهودهم ،
__________________
(١) ه : فتحصل.
(٢) ه : ومنذ.
(٣) مختصّ.