أيضا على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآله أنّه النور وأنّ (١) حجابه نور وأخبر : أنّه (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (٢) و (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (٣) وأنّه (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً) (٤).
والرحمة الشاملة عند من تحقّق بالذوق الإلهي والكشف العلمي (٥) هو الوجود العامّ (٦) ، فإنّ ما عدا الوجود لا شمول فيه ، بل تخصيص تمييز ، فدلّ جميع ذلك عند المنصف (٧) ـ إذا لم يكن من أهل الكشف ـ على صحّة ما قصدنا التنبيه عليه بهذه التلويحات ، فتدبّر ذلك وافهم ما أدرجت لك في هذه المقدّمات تلمح أسرار عزيزة إن شاء الله تعالى.
نعوت العلم
ثم اعلم أنّ النعوت اللازمة للعلم ـ من قدم وحدوث ، وفعل وانفعال ، وبداهة (٨) واكتساب ، وتصوّر وتصديق ، وضرر ومنفعة ، وغير ذلك ـ ليست (٩) عين العلم من حيث هو هو ، بل هي أحكام العلم وخواصّه ، بحسب متعلّقاته وبحسب المراتب التي هي مظاهر آثاره ، فما لا يعقل حكم الأوّليّة فيه من المراتب ، ولا يدرك بدؤه ، ويشهد منه صدور أثر العلم وحكمه ، يوصف ويضاف العلم إليه بنسبة القدم.
وحكم العالم فيما نزل عن الدرجة المذكورة ينعت بالحدوث ، وما لا يتوقّف حصوله على شيء خارج عن ذات العالم يكون علما فعليّا ، وما خالف في هذا الوصف وقابله كان علما انفعاليّا. والعلم الذي لا واسطة فيه بين العبد وربّه ، وما لا تعمّل له في تحصيله ـ وإن كان وصوله من طريق الوسائط ـ (١٠) فهو العلم الموهوب ، والحاصل بالتعمّل ومن (١١) جهة الوسائط المعلومة فهو المكتسب.
وتعلّق العلم بالممكنات من حيث إمكانها يسمّى بالعلم الكوني ، وما ليس كذلك فهو
__________________
(١) ق ، ه : لم يرد.
(٢) الطلاق (٦٥) الآية ١٢.
(٣) فصّلت (٤١) الآية ٥٤.
(٤) غافر (٤٠) الآية ٧.
(٥) ب ، ه : العلى.
(٦) ب : العالم.
(٧) ق : المصنّف.
(٨) ق : هبة.
(٩) ق : ليس.
(١٠) ق : المعنوية.
(١١). ق : هي.