العزل الوأد الخفيّ» (١) الكراهة لا التّحريم ، وقال به جماعة من الصّحابة وغيرهم ، وقال بإباحته أيضا جماعة من الصّحابة والتّابعين والفقهاء ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «لا عليكم ألّا تفعلوا فإنّما هو القدر» أي : «ليس عليكم جناح في ألّا تفعلوا» (٢).
وقال جابر : «كنّا نعزل والقرآن ينزل لو كان شيء منهيّ عنه لنهانا عنه القرآن» (٣).
[قوله : (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) في محلّ نصب بدلا من الفواحش بدل اشتمال](٤) ، أي : لا تقربوا ظاهرها وباطنها ؛ كقولك : ضربت زيدا ما ظهر منه وما بطن ، ويجوز أن تكون «من» بدل البعض من الكلّ.
و «منها» متعلّق بمحذوف ؛ لأنه حال من فاعل «ظهر» ، وحذف «منها» بعد قوله «بطن» لدلالة قوله «منها» في الأوّل عليه ، قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ : «كانوا يكرهون الزّنا علانية وسرّا» (٥).
وقال الضّحّاك : «ما ظهر : الخمر ، وما بطن الزنا» (٦) والأولى أن يجرى النّهي على عمومه في جميع الفواحش ، ظاهرها وباطنها ، ولا يخص بنوع معيّن.
قوله تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) الآية.
فقوله : (إِلَّا بِالْحَقِّ) في محلّ نصب على الحال من فاعل «تقتلوا» أي : لا تقتلوها إلّا متلبّسين بالحق ، ويجوز أن يكون وصفا لمصدر محذوف ، أي : إلّا قتلا متلبسا بالحقّ ، وهو أن يكون القتل للقصاص ، أو للرّدّة (٧) ، أو للزنا (٨) بشرطه ، كما جاء مبينا في السّنّة.
__________________
(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢ / ٥٩٤ ، كتاب الطلاق : باب ما جاء في العزل (٩٥). وأخرجه البخاري ٥ / ٢٠٢ ، كتاب العتق : باب من ملك من العرب رقيقا (٢٥٤٢). وأخرجه مسلم ٢ / ١٠٦١ ، كتاب النكاح باب حكم العزل (١٢٥ ـ ١٤٣٨) وله لفظ آخر أنه سئل عن العزل فقال : ذلك الوأد الخفي أخرجه مسلم (٢ / ١٠٦٧) كتاب النكاح : باب جواز الغيلة (١٤١ ـ ١٤٤٢.
(٢) تقدم.
(٣) أخرجه البخاري ٩ / ٢١٥ ، كتاب النكاح : باب العزل (٥٢٠٨) ، ومسلم ٢ / ١٠٦٥ ، كتاب النكاح : باب حكم العزل (١٣٦ ـ ١٤٤٠.
(٤) سقط في أ.
(٥) أخرجه الطبري (٥ / ٣٩٢) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ١٠٤) وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٩٢) عن الضحاك.
(٧) وهي لغة : الرجوع عن الشيء إلى غيره ، وهي من أفحش الكفر وأغلظه ، حكما محبطة للعمل إن اتصلت بالموت ، وإلا حبط ثوابه ، كما نقله في «المهمات» عن نص الشافعي ، وشرعا : قطع من يصح طلاقه استمرار الإسلام ويحصل قطعه بأمور : بنية كفر ، أو فعل مكفر ، أو قول مكفر. ينظر : الإقناع ٢ / ٤٩٥.
(٨) الزنا يمدّ ويقصر : مصدر زنى الرّجل يزني زنى وزناء فجر وزنت المرأة تزني زنى وزناء فجرت.
وزانى مزاناة وزناء ، والمرأة تزاني مزاناة وزناء أي تباغي وهو بالقصر لغة أهل الحجاز. قال تعالى : ـ