٢١٧٧ ـ إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه |
|
وهنّ عن كلّ سوء يتّقى صدف (١) |
«صدف» جمع «صدوف» ك «صبر» في جمع «صبور».
وقيل : معنى «صدف» : «مال» ، مأخوذ من الصّدف في البعير ، وهو أن يميل خفّه من اليد إلى الرّجل من الجانب الوحشيّ.
و «الصّدف» جمع «صدفة» ، وهي المحارة التي تكون فيها الدّرّة.
قال : [البسيط]
٢١٧٨ ـ وزادها عجبا أن رحت في سبل |
|
وما درت دوران الدّرّ في الصّدف (٢) |
و «الصّدف» و «الصّدف» بفتح الصاد والدال وضمّهما ، وضم الصاد وسكون الدال ناحية الجبل المرتفع ، وسيأتي لهذا مزيد بيان.
فصل في دفع شبهة للمعتزلة
قال الكعبي (٣) : دلّت هذه الآية على أن الله ـ تعالى ـ مكّنهم من الفهم ، ولم يخلق فيهم الإعراض والصّدّ ، ولو كان تعالى هو الخالق للكفر فيهم لم يكن لهذا الكلام معنى.
واحتجّ أهل السّنّة بعين هذه الآية قالوا : إنه ـ تعالى ـ بيّن أنه بالغ في إظهار هذه الدلالة وفي تقريرها ، وإزالة الشبهات عنها ، ثم إنهم مع هذه المبالغة القاطعة للعذر ما زادوا إلّا تماديا في الكفر والعناد ، وذلك يدلّ على أن الهدى والإضلال لا يحصلان إلّا بهداية الله ـ تعالى ـ وإضلاله ، فدلالة الآية على قولنا أقوى من دلالتها على قولهم.
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) (٤٧)
اعلم أن الدلائل المتقدّمة كانت مختصّة بأخذ السّمع والبصر والقلب ، وهذا عامّ في جميع أنواع العذاب ، والمعنى أنه لا دافع لنوع من أنواع العذاب ، ولا محصّل لخير من الخيرات إلّا الله تعالى ، فوجب أن يكون هو المعبود دون غيره.
والمراد ب «البغتة» العذاب الذي يأتيهم فجاءة من غير سبق علامة ، والمراد ب «الجهرة» العذاب الذي يأتيهم مع سبق علامة تدلّ عليه.
وقال الحسن : «بغتة» أو «جهرة» : معناه : ليلا أو نهارا (٤).
__________________
(١) البيت في تفسير الطبري ٥ / ١٩٥ ، المحرر الوجيز ٢ / ٥٣٤ ، اللسان (صدق) القرطبي ٦ / ٤٢٨ ، البحر ٤ / ١٢٢ الدر المصون ٣ / ٦٦.
(٢) البيت لأبي هفّان ينظر : التبيان ٢ / ٢٨١ ، والوساطة ص ٣٢٥ والبحر ٤ / ١٢٢ والدر المصون ٣ / ٦٦.
(٣) ينظر : الرازي ١٢ / ١٨٨.
(٤) ينظر : الرازي ١٢ / ١٨٩.