قال ابن عطية (١) : «هو اسم جمع لا واحد له من لفظه» وهذا ليس بشيء ؛ لأنّ النحويين قد نصّوا على أنه إذا كان على صيغة تخصّ الجموع لم يسمّوه اسم جمع ، بل يقولون : هو جمع ك «عباديد» و «شماطيط» ، فظاهر كلام الرّاغب (٢) ـ رحمهالله تعالى ـ : أن «أساطير» جمع «سطر» بفتح الطاء ، فإنه قال : وجمع «سطر» ـ يعني بالفتح ـ «أسطار» و «أساطير».
وقال المبرّد ـ رحمهالله تعالى ـ : هي جمع «أسطورة» نحو : «أرجوحة» و «أراجيح» و «أحدوثة» و «أحاديث».
ومعنى «الأساطير» : الأحاديث الباطلة والتّرّهات ممّا لا حقيقة له.
وقال الواحدي (٣) ـ رحمهالله تعالى ـ : أصل «الأساطير» من «السّطر» وهو أن يجعل شيئا ممتدا مؤلّفا ، ومنه سطر الكتاب ، وسطر من شجر مفروش.
قال ابن السكيت (٤) : يقال : سطر وسطر ، فمن قال : «سطر» فجمعه في القليل «أسطر» ، والتكثير «سطور» ، ومن قال : «سطر» فجمعه «أسطار» ، و «الأساطير» جمع الجمع.
وقال الجبائي (٥) ـ رحمهالله تعالى ـ : واحد الأساطير «أسطور» و «أسطورة» و «إسطيرة».
قال جمهور المفسرين : أساطير الأولين ما سطّره الأوّلون.
وقال ابن عباس (٦) : معناه أحاديث الأولين التي كانوا يسطرونها ، أي : يكتبونها.
قوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)(٢٦)
قوله : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) في الضميرين ـ أعني «هم» وهاء «عنه» ـ أوجه :
أحدها : أن المرفوع يعود على الكفّار ، والمجرور يعود على القرآن الكريم ، وهو أيضا الذي عاد عليه الضّمير المنصوب من «يفقهوه» ، والمشار إليه بقولهم : «إن هذا».
والثاني : أنّ «هم» يعود على من تقدّم ذكرهم من الكفّار ، وفي «عنه» يعود على الرسول ، وعلى هذا ففيه التفات من الخطاب إلى الغيبة ، فإن قوله : (جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) خطاب للرسول عليه الصّلاة والسّلام ، فخرج من هذا الخطاب إلى الغيبة.
وقيل : يعود المرفوع على أبي طالب وأتباعه.
وفي قوله : «ينهون» و «ينأون» تجنيس التصريف ، وهو عبارة عن انفراد كل كلمة
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٢ / ٢٨٠.
(٢) ينظر : المفردات ٢٣٣.
(٣) ينظر : تفسير الرازي ١٢ / ١٥٥.
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : المصدر السابق.