وقيل : هو متعلّق بما تعلّق به الاستقرار من قوله : «لله».
وقرأ العامّة بفتح الزّاي من «زعمهم» في الموضعين ، وهذه لغة الحجاز وهي الفصحى ، وقرأ الكسائي : «بزعمهم» بالضّمّ وهو لغة بني أسد (١) ، وهل الفتح والضّمّ بمعنى واحد ، أو المفتوح مصدر والمضموم اسم؟ خلاف مشهور.
وقرأ ابن أبي عبلة «بزعمهم» بفتح الزّاي والعين.
وفيه لغة رابعة لبعض قيس ، وبني تميم وهي كسر الزّاي ، ولم يقرأ بهذه اللّغة فيما علمنا ، وقد تقدّم تحقيق «الزّعم» [في النساء آية ٦٠].
وقوله : «لشركائنا» يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن الشّركاء من الشّرك ، ويعنون بهم : آلهتهم التي أشركوا بينها وبين الباري ـ تعالى ـ في العبادة ، وليست الإضافة إلى فاعل ولا إلى مفعول ، بل هي إضافة تخصيص ، والمعنى : الشركاء الذين أشركوا بينهم وبين الله ـ تعالى ـ في العبادة.
والثاني : أن الشّركاء من الشركة ، ومعنى كونهم سمّوا آلهتهم شركاءهم : أنهم جعلوهم شركاء في أموالهم ، وزروعهم ، وأنعامهم ، ومتاجرهم وغير ذلك ، فتكون الإضافة إضافة لفظيّة : إما إلى المفعول أي : شركائنا الّذين شاركونا في أموالنا ، وإما إلى الفاعل ، أي : الّذين أشركناهم في أموالنا.
فصل في المراد بالآية
قال ابن عبّاس (٢) : كان المشركون يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم نصيبا ، وللأوثان نصيبا ، فما كان للصّنم أنفقوه على الأصنام وحدها ، وما جعلوه لله أطعموه الضّيفان والمساكين ، ولا يأكلون منه ألبتّة ، وإن سقط من نصيب الأوثان فيما جعلوه لله ؛ ردّوه إلى الأوثان ، وقالوا : إنّها محتاجة ، وإن سقط شيء مما جعلوه لله في نصيب الأوثان ، تركوه وقالوا : إنّ الله غنيّ عن هذا (٣).
وقال الحسن والسّدّي : كان إذا هلك وانتقص شيء ممّا جعلوه للأصنام خيّروه بما جعلوه لله ولا يفعلون مثل ذلكك فيما لله ـ عزوجل (٤) ـ.
وقال مجاهد : المعنى : أنه إذا انفجر من سقي ما جعلوه للشّيطان في نصيب الله ـ تعالى ـ سدّوه ، وإن كان على ضدّ ذلك ، تركوه.
__________________
(١) ينظر : السبعة ٢٧٠ الحجة لأبي زرعة ٢٧٣ النشر ٢ / ٢٦٣ الدر المصون ٣ / ١٨٤.
(٢) ينظر : الرازي ١٣ / ١٦٨.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٥٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٨٨) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٣٥١).