وأبلست النّاقة وهي مبلاس إذا لم ترع من شدّة الضّبعة يقال : ضبعت النّاقة تضبع ضبعة وضبعا إذا أرادت الفحل.
فصل في معنى الآية
المعنى : فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء كان مغلقا عنهم من الخير ، أي : لمّا قست قلوبهم ولم يتفطّنوا ونسوا ما ذكروا به من الوعظ فتحنا عليهم أبواب الخير مكان البلاء والشّدّة حتى إذا فرحوا بما أوتوا ، وهذا فرح بطر مثل فرح قارون بما أصاب من الدنيا.
قال الحسن : في هذه الآية مكر بالقوم وربّ الكعبة (١).
وقال صلىاللهعليهوسلم : «إذا رأيت الله يعطي العاصي ، فإنّ ذلك استدراج من الله» ثم قرأ هذه الآية. ثم قال (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) : فجاءة أين ما كانوا (٢).
قال أهل المعاني (٣) : وإنما أخذوا في حال الرّاحة والرّخاء ليكون أشدّ لتحسّرهم على ما فاتهم من حال السلامة والعافية ، (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) آيسون من كلّ خير.
قال الفرّاء (٤) : المبلس الذي انقطع رجاؤه ، ولذلك قيل للذي سكت عند انقطاع حجّته : قد أبلس.
وقال الزّجّاج (٥) : المبلس الشديد الحسرة الحزين.
قوله : (فَقُطِعَ دابِرُ) الجمهور (٦) على «فقطع» مبنيّا للمفعول «دابر» مرفوع به.
وقرأ عكرمة (٧) : «قطع» مبنيّا للفاعل ، وهو الله تعالى ، «دابر» مفعول به ، وفيه التفات ، إذ هو خروج من تكلم في قوله : «أخذناهم» إلى غيبة.
و «الدّابر» التّابع من خلف ، يقال : دبر الولد والده ، ودبر فلان القوم يدبرهم دبورا ودبرا.
وقيل : الدّابر الأصل ، يقال : قطع الله دابره ، أي : أصله قاله الأصمعيّ ، وقال أبو عبيد : «دابر القوم آخرهم» ، وأنشدوا لأميّة بن أبي الصّلت : [البسيط]
٢١٧٦ ـ فاستؤصلوا بعذاب حصّ دابرهم |
|
فما استطاعوا له صرفا ولا انتصروا (٨) |
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٢ ـ ٢٣) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن الحسن.
(٢) أخرجه أحمد (٤ / ١٤٥) والطبري (٥ / ١٩٣) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٥٤٠) والطبراني كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ٢٣) من حديث عاقبة بن عامر.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٢٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٣) ينظر : الرازي ١٢ / ١٨٦.
(٤) ينظر : الرازي ١٢ / ١٨٧.
(٥) ينظر : المصدر السابق.
(٦) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٥.
(٧) ينظر : الدر المصون ٣ / ٦٥.
(٨) البيت لأمية بن أبي الصلت ينظر : ديوانه ص (٣٢) ، تفسير القرطبي ٦ / ٢٧٥ ، الطبري ٥ / ١٩٤ ، الدر المصون ٣ / ٦٥.