والثاني : أنه ضمير المخاطبين أي : لتقضوا آجالكم.
وقرأ أبو رجاء (١) ، وطلحة : «ليقضي» مبنيا للفاعل ، وهو الله تعالى ، و «أجلا» مفعول به ، و «مسمى» صفة ، فهو مرفوع على الأوّل ، ومنصوب على الثاني ، ويترتّب على ذلك خلاف للقرّاء في إمالة ألفه ، و «اللام» في «ليقضي» متعلّقة بما قبلها من مجموع الفعلين ، أي : يتوفاكم ثمّ يبعثكم لأجل ذلك.
والمراد : الأجل المسمّى ، أي : عمركم المكتوب.
والمعنى : يبعثكم من نومكم إلى أن تبلغوا آجالكم.
واعلم أنه ـ تعالى ـ لمّا ذكر أنّه ينيمهم أولا ، ثم يوقظهم ثانيا كان ذلك جاريا مجرى الإحياء بعد الإماتة ، فلذلك استدلّ به على صحّة البعث والقيامة ، فقال : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) في ليلكم ونهاركم في جميع أحوالكم.
قوله تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ)(٦٢)
قد تقدّم الكلام على هذه الآية أوّل السورة.
قوله : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) : فيه خمسة أوجه :
أحدها : أنه عطف على اسم الفاعل الواقع صلة ل «أل» ؛ لأنه في معنى يفعل ، والتقدير : وهو الذي يقهر عباده ويرسل ، فعطف الفعل على الاسم ؛ لأنه في تأويله ، ومثله عند بعضهم : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا) [الحديد : ٨] [قالوا](٢) : «أقرضوا» عطف على «مصّدّقين» الواقع صلة ل «أل» ؛ لأنه في معنى : إنّ الذين صدّقوا وأقرضوا ، وهذا ليس بشيء ؛ لأنه يلزم من ذلك الفصل بين أبعاض الصّلة بأجنبي ، وذلك أن «وأقرضوا» من تمام صلة «أل» في «المصّدّقين» ، وقد عطف على الموصول قوله «المصّدقّات» وهو أجنبي ، وقد تقرّر غير مرّة أنه لا يتبع الموصول إلّا بعد تمام صلته.
وأمّا قوله تعالى : (فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) [الملك : ١٩] ف «يقبضن» في تأويل اسم ، أي : وقابضات.
ومن عطف الاسم على الفعل لكونه في تأويل الاسم قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ) [الأنعام : ٩٥].
وقوله : [الطويل]
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٨١ ، البحر المحيط ٤ / ١٥١.
(٢) في ب : قال.