وقد جاء في ضرورة
الشعر إجراء الأفعال التامة مجرى النواقص ؛ قال جران العود : [الطويل]
٢١٦٦ ـ لقد كان لي عن ضرّتين عدمتني
|
|
وعمّا ألاقي
منهما متزحزح
|
والعرب تقول : «عدمتني
ووجدتني وفقدتني» وليس بوجه الكلام. انتهى.
واعلم أنّ النّاس
اختلفوا في الجملة الاستفهاميّة الواقعة بعد المنصوب ب «أرأيتك» [نحو : أرأيتك] زيدا ما صنع؟
فالجمهور على أنّ «زيدا»
مفعول أوّل ، والجملة بعده في محلّ نصب سادّة مسدّ المفعول الثاني.
وقد تقدّم أنه لا
يجوز التّعليق في هذه ، وإن جاز في غيرها من أخواتها نحو : علمت زيدا أبو من هو.
وقال ابن كيسان : «إن
هذه الجملة الاستفهاميّة في أرأيتك زيدا ما صنع بدل من أرأيتك».
وقال الأخفش : «إنه
لا بدّ بعد «أرأيت» التي بمعنى «أخبرني» من الاسم المستخبر عنه ، ويلزم الجملة
التي بعده الاستفهام ؛ لأن «أخبرني» موافق لمعنى الاستفهام».
وزعم أيضا أنها
تخرج عن بابها ، فتكون بمعنى «أما» أو «تنبّه» ، وحينئذ لا يكون لها مفعولان ، ولا
مفعول واحد ، وجعل من ذلك : (أَرَأَيْتَ إِذْ
أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) [الكهف : ٦٣].
وهذا ينبغي ألّا
يجوز ؛ لأنه إخراج للّفظة عن موضوعها من غير داع إلى ذلك.
إذا تقرّر هذا
فيلرجع إلى الآية الكريمة فنقول ، وبالله التوفيق : اختلف النّاس في هذه الآية على
ثلاثة أقوال :
أحدها : أن
المفعول الأول ، والجملة الاستفهامية التي سدّت مسدّ الثاني محذوفان لفهم المعنى ،
والتقدير : أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم؟ أو اتّخاذكم غير الله إلها هل يكشف
ضركم؟ ونحو ذلك ، ف «عبادتكم» أو «اتّخاذكم» مفعول أوّل ، والجملة الاستفهامية
سادّة مسدّ الثّاني ، و «التاء» هي الفاعل ، و «الكاف» حرف خطاب.
الثاني : أن
الشّرط وجوابه ـ وسيأتي بيانه ـ قد سدّا مسدّ المفعولين ؛ لأنهما قد حصّلا المعنى
المقصود ، فلم يحتج هذا الفعل إلى مفعول ، وليس بشيء ؛ لأن الشّرط وجوابه لم يعهد
فيهما أن يسدّا مسدّ مفعولي «ظنّ» ، وكون الفاعل غير محتاج لمفعول
__________________