سورة المدّثر
[١١٤٨] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ١٠] ؛
بعد قوله سبحانه : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ
يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ) [المدثر : ٩ ، ١٠].
قلنا
: قيل معناه أنه
عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا ، كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا. وقيل
: إنه تأكيد.
[١١٤٩] فإن قيل : ما فائدة التكرار في قوله تعالى : (لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ) [المدثر : ٢٨] ،
ومعناهما واحد؟
قلنا
: معناه لا تبقي
للكفار لحما ولا تذر لهم عظما. وقيل : معناه لا تبقيهم أحياء ولا تذرهم أمواتا.
[١١٥٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَلا يَرْتابَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) [المدثر : ٣١] ،
وما سبق من وصفهم بالاستيقان وازدياد الإيمان دلّ على انتفاء الارتياب.
والجمل كلها
متعلقة بعدد خزنة النار ؛ والمعنى ليستيقن الّذين أوتوا الكتاب أن ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم حق ؛ حيث أخبر عن عدد خزنة النار بمثل ما في التوراة ،
ويزداد الّذين آمنوا من أهل الكتاب إيمانا بالنّبيّ صلىاللهعليهوسلم والقرآن ؛ حيث
وجدوا ما أخبرهم به مطابقا لما في كتابهم؟
قلنا
: فائدته التأكيد
والتعريض أيضا بحال من عداهم من الشّاكين ، وهم الكفار والمنافقون ؛ فمعناه : ولا
يرتاب هؤلاء ، كما ارتاب أولئك.
[١١٥١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (ما ذا أَرادَ اللهُ
بِهذا مَثَلاً) [البقرة : ٢٦] ،
يعني حصر عدد الخزنة في تسعة عشر ، وذلك ليس بمثل.
قلنا
: هو استعارة من
المثل المضروب مما وقع غريبا وبديعا في الكلام استغرابا منهم لهذا العدد واستبعادا
له ، والمعنى : أي شيء أراد الله بهذا العدد العجيب ، وأيّ حكمة قصد في جعل الخزنة
تسعة عشر لا عشرين.
الثاني
: أن المثل هنا
بمعنى الصفة ، كما في قوله تعالى : (مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) [الرعد : ٣٥].
والمعنى : ما ذا أراد الله بهذا العدد صفة للخزنة.
[١١٥٢] فإن قيل : كيف طابق قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) [المدثر : ٤٢] ،