لكلّ شيء من الفقر والغنى والمرض والصحة والشّدة والرخاء ونحو ذلك أجلا ومنتهى ينتهي إليه لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
[١١٠٧] فإن قيل : قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) [الطلاق : ٤] علقه بشكنا ، مع أن عدتهن ذلك سواء وجد شكنا أم لا؟
قلنا : المراد بالشك الجهل بمقدار عدة الآيسة والصغيرة ، وإنما علقه به ؛ لأنه لمّا نزل بيان عدة ذوات الأقراء في سورة البقرة قال بعض الصحابة رضي الله عنهم : قد بقي الكبار والصغار لا ندري كم عدتهن ، فنزلت هذه الآية على هذا السبب ، فلذلك جاءت مقيدة بالشك والجهل.
[١١٠٨] فإن قيل : إذا كانت المطلقة طلاقا بائنا تجب لها النفقة عند بعض العلماء ، فما فائدة قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) [الطلاق : ٦] ، عند ذلك القاتل؟
قلنا : فائدته أن لا يتوهم أنه إذا طالت مدة الحمل بعد الطلاق حتى مضت مدة عدة الحامل سقطت النفقة ، فنفى هذا الوهم بقوله : (أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٤].
[١١٠٩] فإن قيل : كيف قال هنا (آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق : ٧] وقال تعالى في موضع آخر : (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٦] فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا : المراد بقوله تعالى (مَعَ) بعده ؛ لأن الضدين لا يجتمعان.
[١١١٠] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) [الطلاق : ٨] ، فنسب العتوّ إليها ، وقال تعالى : (فَحاسَبْناها وَعَذَّبْناها) [الطلاق : ٨] ، بلفظ الماضي ؛ مع أن الحساب والعذاب المرتبين على العتو إنما هما في الآخرة لا في الدنيا؟
قلنا : معناه عتا أهلها ، وإنما جيء به على لفظ الماضي تحقيقا له وتقريرا ، لأن المنتظر من وعد الله تعالى ووعيده آت لا محالة ، وما هو كائن فكأنه قد حصل ، ونظيره قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ) [الأعراف : ٥٠] ، وما أشبهه.
__________________
[١١١٠] العتو : البعد عن الطّاعة. وهو معنى جامع للمعصية والاستكبار.