سيهدين إلى الجنة.
وقيل : إلى الصواب في جميع أحوالي ، ونظيره قول موسى عليه الصلاة
والسلام : (كَلَّا إِنَّ مَعِي
رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء : ٦٢].
[٩٣٢] فإن قيل : كيف شاور إبراهيم ولده عليهماالسلام في ذبحه بقوله : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) [الصافات : ١٠٢]
مع أنه كان حتما على إبراهيم لأنه أمر به ، لأن معنى قوله : (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ) [الصافات : ١٠٢]
أنه أمر بذبحه في المنام ، ورؤيا الأنبياء حقّ فإذا رأوا شيئا من المنام فعلوه في
اليقظة كذا قاله قتادة ؛ والدّليل على أنّ منامه كان وحيا بالأمر بالذبح قوله : (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) [الصافات : ١٠٢]؟
قلنا
: لم يشاوره ليرجع
إلى رأيه في ذلك ، ولكن ليعلم ما عنده من الصبر فيما نزل به من بلاء الله تعالى ،
فيثبت قدمه إن جزع ، ويأمن عليه الزّلل إن صبر وسلّم ، وليعلم القصّة فيوطن نفسه
على الذّبح ، ويهونه عليها فيلقى البلاء وهو كالمستأنس به ، ويكتسب الثواب
بالانقياد والصبر لأمر الله تعالى قبل نزوله ، وليكون سنة في المشاورة ، فقد قيل :
لو شاور آدم الملائكة في أكل الشجرة لما فرط منه ذلك.
[٩٣٣] فإن قيل : كيف قيل له : (قَدْ صَدَّقْتَ
الرُّؤْيا) [الصافات : ١٠٥]
وإنما يكون مصدقا لها لو وجد منه الذبح ولم يوجد؟
قلنا
: معناه قد فعلت
غاية ما في وسعك مما يفعله الذابح من إلقاء ولدك وإمرار الشفرة على حلقه ؛ ولكن
الله تعالى منع الشفرة أن تقطع. وقيل : إن الذي رآه في المنام معالجة الذّبح فقط لا إراقة الدّم ،
وقد فعل ذلك في اليقظة فكان مصدّقا للرؤيا.
[٩٣٤] فإن قيل : أين جواب «لما» في قوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما)؟ [الصافات : ١٠٣].
قلنا
: قيل هو محذوف
تقديره : استبشرا واغتبطا وشكرا الله تعالى على ما أنعم به عليهما من الفداء ؛ أو
تقديره : سعدا ، أو أجزل ثوابهما. وقيل : الجواب هو قوله تعالى : (نادَيْناهُ) [الصافات : ١٠٤]
والواو زائدة كما في قول امرئ القيس :
فلمّا أجزنا
ساحة الحيّ وانتحى
|
|
بنا بطن خبت ذي
خفاف عقنقل
|
أي فلما أجزنا
ساحة الحيّ انتحى ، كذا نقله ابن الأنباري في شرحه.
[٩٣٥] فإن قيل : كيف قال تعالى في قصة إبراهيم عليهالسلام (كَذلِكَ نَجْزِي
__________________