أي وإني لوجل. وقال آخر :
أصبحت أمنحك الصّدود وإنّني |
|
قسما إليك مع الصّدود لأميل |
أي لمائل ، وقال آخر :
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت |
|
فتلك سبيل لست فيها بأوحد |
أي بواحد.
الثاني : أن معناه ، وهو أهون عليه في تقديركم وحكمكم ؛ لأنكم تزعمون وتعتقدون فيما بينكم أن الإعادة أهون من الابتداء ، كيف وأن الابتداء من ماء والإعادة من تراب ، وتركيب الصورة من التراب أهون عندكم.
الثالث : أن الضمير في قوله تعالى : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] راجع إلى المخلوق لا إلى الله تعالى ، معناه : أنه لا صعوبة على المخلوق فيه ولا إبطاء ؛ لأنه يعاد دفعة واحدة بقوله تعالى : (كُنْ فَيَكُونُ) [يس : ٨٢] وفي الابتداء خلق نطفة ، ثم نقل إلى مضغة ، ثم إلى عظام ، ثم إلى كسوة اللحم.
الرابع : أن الابتداء من قبيل التفضل الذي لا مقتضي لوجوبه ، والإعادة من قبيل الواجب ؛ لأنها لا بدّ منها لجزاء الأعمال. وجزاؤها واجب بحكم وعده سبحانه وتعالى.
[٨٤٤] فإن قيل : ما معنى قوله : (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) [الروم : ٣٩] ، الآية ؛ على اختلاف القراءتين بالمد والقصر.
قلنا : قال الحسن رحمهالله : المراد به الربا المحرم والخطاب لدافعي الربا لا لآخذيه. معناه : وما أعطيتم أكلة الربا من زيادة لتربو وتزكو في أموالهم فلا تزكو عند الله ولا يبارك فيها ، ونظيره قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [البقرة : ٢٧٦] لا فرق بينهما. وقال ابن عباس رضي الله عنهما والجمهور : المراد به أن يهب الرجل غيره هبة أو يهدي إليه هدية على قصد أن يعوّضه أكثر منها. وقالوا : وليس في ذلك أجر ولا وزر ، وإنما سماه ربا لأنه مدفوع لاجتلاب الربا وهو الزيادة فكان سببا لها فسمي باسمها ، ومعنى قراءة المد ظاهر ، وأما قراءة القصر فمعناها : وما جئتم ، أي وما فعلتم من إعطاء ربا ، كما تقول أتيت خطأ وأتيت صوابا ، أي فعلت ؛ وقوله تعالى : (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [الروم : ٣٩] أي ذوو الأضعاف من الحسنات ، وهو التفات عن الخطاب إلى الغيبة.
[٨٤٥] فإن قيل : ما فائدة قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِهِ) [الروم : ٤٩] بعد قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ) [الروم : ٤٩]؟
قلنا : فائدته التأكيد كما في قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)