سورة مريم عليهاالسلام
[٦٤٣] فإن قيل : النداء الصوت والصياح ، يقال ناداه نداء ، أي
صاح به ، فكيف وصفه تعالى بكونه (خَفِيًّا) [مريم : ٣]؟
قلنا
: النداء هنا عبارة
عن الدّعاء ، وإنّما أخفاه ليكون أقرب إلى الإخلاص ، أو لئلا يلام على طلبه الولد
بعد الشّيخوخة ، أو لئلّا يعاديه بنو عمّه ويقولوا : كره أن نقوم مقامه بعده فسأل
ربه الولد لذلك.
[٦٤٤] فإن قيل : كيف قال : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ
مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) [مريم : ٦]
والنّبيّ لا يورّث ، لقوله صلىاللهعليهوسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة»؟
قلنا
: المراد بقوله
يرثني : أي يرثني العلم والنّبوّة ، ويرث من آل يعقوب الملك. وقيل الأخلاق ،
فأجابه الله تعالى إلى وراثته العلم والنّبوّة والأخلاق دون الملك ، والمراد بقوله
صلىاللهعليهوسلم : «لا نورث» المال ويؤيده قوله : «ما تركناه صدقة» ويعقوب
هنا أبو يوسف عليهماالسلام. وقيل لا ؛ بل هو أخو زكريا. وقيل لا بل هو أخو عمران الذي
هو أبو مريم.
[٦٤٥] فإن قيل : كيف قال : (يَرِثُنِي وَيَرِثُ
مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) [مريم : ٦] فعدّى
الفعل في الأوّل بنفسه والثّاني بحرف الجر وهو واحد؟
قلنا
: يقال ورثه وورث
منه ، فجمع بين اللغتين. وقيل : «من» هنا للتبعيض
لا للتعدية ، لأن آل يعقوب لم يكونوا كلهم أنبياء ولا علماء.
[٦٤٦] فإن قيل : كيف طلب الولد بقوله : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [مريم : ٥] أي
ولدا صالحا ، فلما بشره الله تعالى بقوله : (يا زَكَرِيَّا إِنَّا
نُبَشِّرُكَ) [مريم : ٧] الآية
__________________