[٣٨٠] فإن قيل : دين الحق هو جملة الهدى فما فائدة عطفه على
الهدى في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) [التوبة : ٣٣]؟
قلنا
: المراد بالهدى
هنا القرآن ، وبدين الحق الإسلام وهما متغايران.
الثاني
: أنه وإن كان
داخلا في جملة الهدى ولكنه خصه بالذكر تشريفا له وتفضيلا كما في قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ
الْوُسْطى) [البقرة : ٢٣٨]
وقوله تعالى : (وَمَلائِكَتِهِ
وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٩٨].
[٣٨١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) [التوبة : ٣٣] ولم
يقل على الأديان كلها ؛ مع أنه أظهره على الأديان كلها؟
قلنا
: المراد بالدين
هنا اسم الجنس ، واسم الجنس المعرف باللام يفيد معنى الجمع ، كما في قولهم : كثر
الدرهم والدينار في أيدي الناس.
[٣٨٢] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَلا يُنْفِقُونَها
فِي سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ٣٤]
والمذكور الذهب والفضة ، فأعاد الضمير على أحدهما؟
قلنا
: أعاد الضمير على
الفضة ؛ لأنها أقرب المذكورين ، أو لأنها أكثر وجودا في أيدي الناس ، فيكون كنزها
أكثر ، ونظيره قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ
يا قَوْمِ) [البقرة : ٥٤].
الثاني
: أنه أعاد الضمير
على المعنى ؛ لأن المكنوز دنانير ودراهم وأموال ، ونظيره قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا) [الحجرات : ٤٩]
لأن كل طائفة مشتملة على عدد كثير ، وكذا قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي
رَبِّهِمْ) [الحج : ١٩] يعني
المؤمنين والكافرين.
الثالث
: أن العرب إذا
ذكرت شيئين يشتركان في المعنى تكتفي بإعادة الضمير على أحدهما ، استغناء بذكره عن
ذكر الآخر ؛ لمعرفة السامع باشتراكهما في المعنى.
ومنه قول حسان بن
ثابت :
إنّ شرخ الشّباب
والشّعر الأس
|
|
ود ما لم يعاص
كان جنونا
|
ولم يقل ما لم
يعاصيا. وقول الآخر :
فمن يك أمسى
بالمدينة رحله
|
|
فإنّي وقيّار
بها لغريب
|
__________________