قال ابن المنذر : كان طاوس يرى السّعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله.
قوله : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) هذه الجملة عطف على قوله : (لا تَعْبُدُونَ) في المعنى ، كأنه قال : لا تعبدوا إلا الله ، وأحسنوا بالوالدين وقولوا ، أو على «أحسنوا» المقدر ، كما تقدم تقريره في قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً).
وأجاز أبو البقاء أن يكون معمولا لقول محذوف تقديره : وقلنا لهم : قولوا.
وقرأ (١) حمزة والكسائي : «حسنا» بفتحتين و «حسنا» بضمتين ، و «حسنى» من غير تنوين ك «حبلى» و «إحسانا» من الرباعي.
فأما من قرأ (٢) : «حسنا» بالضم والإسكان ، فيحتمل أوجها :
أحدها ـ وهو الظّاهر ـ أنه مصدر وقع صفة لمحذوف تقديره : وقولوا للناس حسنا أي : ذا حسن.
الثاني : أن يكون وصف به مبالغة كأنه جعل القول نفسه حسنا.
الثالث : أنه صفة على وزن «فعل» ، وليس أصله المصدر ، بل هو كالحلو والمر ، فيكون بمعنى «حسن» بفتحتين ، فيكون فيه لغتان : حسن وحسن ك «البخل والبخل ، والحزن والحزن ، والعرب والعرب».
الرابع : أنه منصوب على المصدر من المعنى ، فإن المعنى : وليحسن قولكم حسنا.
وأما قراءة : «حسنا» بفتحتين فصفة لمصدر محذوف ، تقديره : قولا حسنا ، كما تقدم في أحد أوجه «حسنا».
وأما «حسنا» بضمتين ، فضمة السين لإتباع الحاء ، فهو بمعنى «حسنا» بالسكون ، وفيه الأوجه المتقدمة.
__________________
ـ ومسلم في الصحيح (٤ / ٢٢٨٦ ـ ٢٢٨٧) كتاب الزهد والرقائق (٥٣) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم (٢) حديث رقم (٤١ / ٢٩٨٢).
والترمذي في السنن (٤ / ٣٠٥) كتاب البر والصلة (٢٨) باب ما جاء في السعي على الأرملة واليتيم (٤٤) حديث رقم (١٩٦٩) والنسائي في السنن (٥ / ٨٧) ـ وأحمد في المسند (٢ / ٣٦١) وعبد الرزاق في مصنفه حديث رقم (٢٠٥٩٢) ـ والبيهقي في السنن (٦ / ٢٨٣) وابن حبان في الموارد حديث رقم (٢٠٤٧) ـ وذكره المنذري في الترغيب ٣ / ٣١٥.
وابن حجر في فتح الباري ٩ / ٤٩٧ ، ٤٩٩ ، ١٠ / ٤٣٧.
والهندي في كنز العمال حديث رقم ٦٠٢٠.
(١) انظر العنوان : ٧٠ ، وحجة القراءات : ١٠٣ ، والحجة : ٢ / ١٢٦ ، وشرح الطيبة : ٤ / ٤٤ ، وشرح شعلة : ٢٦٧ ، وإتحاف : ١ / ٤٠١.
(٢) وهي قراءة ابن كثير ، وأبي عمرو ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر. انظر السابقة.