يتوصّلون إلى معرفة خالقهم ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٥٤٧ ـ لمّا وردن نبيّا واستتبّ بنا |
|
مسحنفر كخطوط النّسج منسحل (١) |
وقال الشاعر : [المتقارب]
٥٤٨ ـ لأصبح رتما دقاق الحصى |
|
مكان النّبيّ من الكاثب (٢) |
«الرّتم» ـ بالتاء المثناة والمثلثة جميعا : الكسر.
و «الكاثب» بالمثلثة : اسم جبل ، وقالوا في تحقير نبوّة مسيلمة : نبيئة.
وقالوا : جمعه أنبياء قياس مطّرد في «فعيل» المعتل نحو : «وليّ وأولياء ، وصفيّ وأصفياء».
وأما قالون فإنما ترك الهمز في الموضعين المذكورين لمدرك آخر ، وهو أنه من أصله في اجتماع الهمزتين من كلمتين إذا كانتا مكسورتين أن تسهل الأولى ، إلا أن يقع قبلها حرف مدّ ، فتبدل وتدغم ، فلزمه أن يفعل هنا ما فعل في : (بِالسُّوءِ إِلَّا) [يوسف : ٥٣] من الإبدال والإدغام ، إلّا أنه روي عنه خلاف في : (بِالسُّوءِ إِلَّا) ولم يرو عنه [هنا](٣) خلاف كأنه التزم البدل لكثرة الاستعمال في هذه اللّفظة وبابها ، ففي التحقيق لم يترك همزة «النّبيّ» ، بل همزه ولما همزه أدّاه قياس تخفيفه إلى ذلك ، ويدلّ على هذا الاعتبار أنه إنما يفعل ذلك حيث يصل ، أمّا إذا وقف فإنه يهمزه في الموضعين ، لزوال السّبب المذكور ، فهو تارك للهمز لفظا آت به تقديرا.
فإن قيل : قوله : (يَكْفُرُونَ) دخل تحته قتل الأنبياء ، فلم أعاد ذكره؟
فالجواب : أن المذكور هنا هو الكفر بآيات الله ، وهو الجهل والجحد بآياته ، فلا يدخل تحته قتل الأنبياء.
قوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) في محلّ نصب على الحال من فاعل «يقتلون» تقديره : يقتلونهم مبطلين ، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف تقديره : قتلا كائنا بغير الحقّ ، فيتعلّق بمحذوف.
قال الزمخشريّ (٤) : قتل الأنبياء لا يكون إلّا بغير الحقّ ، فما فائدة ذكره؟
وأجاب : بأن معناه أنهم قتلوهم بغير الحقّ عندهم ؛ لأنهم لم يقتلوا ولا أفسدوا في الأرض حتى يقتلوا ، فلو سئلوا وأنصفوا من أنفسهم لم يذكروا وجها يستحقّون به القتل عندهم.
__________________
(١) البيت لأوس بن حجر. ينظر : ديوانه (١١) ، اللسان (كثب) ، القرطبي : ١ / ٢٩٣ ، الدر المصون : (١ / ٢٤٥).
(٢) البيت للقطامي. ينظر ديوانه : (٤) ، البحر : (١ / ٣٨٢).
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر الكشاف : ١ / ١٤٦.