كَونِهِ كَلاَماً بَعْدَ كَلاَم وجُمْلَةً تتلو جملةً. وهَذَا واضح.
فَقَولُهُ عَلَى هَذَا : (لاَ خَوفٌ عَلَيْكُم) (١) جملةٌ لاَ موضع لها من الإعراب مِنْ حيثُ كَانت مُرتجلَةً ، وهي في القول الأَول منصوبة الموضعِ عَلَى الحالِ ، أَي : دَخلوا الجنّةَ ، أَو أُدْخِلوا الجنّة ، مقولاً لَهمْ هَذَا الكلام الذي هو لا خوفٌ عليكم ، وحُذِفَ القولُ ، وهو منصوبٌ على الحالِ ، وأقيمَ مقامَه قولُهُ : (لاَ خَوفٌ عَلَيْكُم) فانتصب انتصابه ، كما أَنَّ قَولَهُمْ : كلمتُهُ فاهُ إليَّ في منصوب على الحال لاَِنه نَابُ عَنْ جاعلاً فاهُ إِلى فيَّ ، أَوْ لاَِ نَّهُ وَقَعَ موقِعَ مُشَافَهةً التي هِيَ نَائِهةٌ عَنْ مُشافِهَاً لَهُ (٢).
وقَرَأَ أَبُو جَعْفَر : (قُل رَبُّ احْكُمْ) (٣) بِضَمِّ الباءِ والأَلِف ساقطة على أَنَّهُ نداءٌ مفردٌ.
قَالَ أَبو الفتح : هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا ضَعيفٌ ، أَعني حذفَ حرفِ النداءِ معَ الاسم الّذي يجوز أنْ يكونَ وصفاً لاِيّ (٤).
أَلاَ تَرَاك لاَ تَقُولُ : رَجُلٌ أَقْبِلْ لاَِ نَّهُ يمكنك أنْ تجعلَ الرَّجلَ وصفاً لاَِيّ فَتَقُولُ : يَا أيُّها الرَّجُلُ؟ ولِهَذَا ضَعُفَ عِنْدَنَا قَولُ مَنْ قَالَ فِي قَولِهِ تَعَالى :
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ٤٩ : (ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَخَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَأَنتُمْ تَحْزَنُونَ).
(٢) المحتسب : ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥١.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١١٢ : (قَالَ رَبِّ احْكُم بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).
(٤) أَصحابه البصريّون لاَِنَّ هذا رأيّهم. انظر : مجمع البيان : ١٧ / ٦٥ وهمع الهوامع : ١ / ١٧٣ وضياء السالك إلى أوضح المسالك : ٣ / ٢٤٠ وما بعدها.