٣ ـ هناك من يُحرِّم قراءة حمزة وهو من القراء السبعة (١) ومعلوم أنَّ ابنَ جنِّي يرى أَنَّ الذي تعدَّى قراءَةَ القراء السبعة وَسَـمّـاهُ أَهلُ زَمانِهِ شاذًّا مع خروجهِ عنها ، نازعٌ بالثقةِ إِلى قرائه ، محفوف بالروايات من أمامِهِ وورائِهِ (٢).
والذي أرجِّحُه أَنَّ القراءة سنّة ، فما صحّ سنده قبل ، ورفض ما سواه.
والقرآن حجّة على العربية ولا عكس ، وليس اتِّباعُ خطِّ المصحف بمجرّده واجباً ما لم يعضده نقل (٣).
موقف اللغويين والنحاة من القراءة الشاذّة
وقف اللغويون والنحاة من القراءات موقفهم من سائر النصوص اللغوية ، فالبصريون ـ إلاّ مَنْ خَالَفَ مِنْهُم ـ جَعلوا الأقيسةَ النحويةَ ، والقواعدَ والأصولَ التي وضعوها مقياساً على مايرد من قراءات شاذَّة أو غير شاذّة (٤) ، إذ لا بدَّ لِكُلّ نَصّ عندَهم من أَنْ يخضعَ لِهَذا التقعيدِ والتنظيم (٥) ، فما وافقَ منها أقيستَهُم وقواعدهم قبلوه ، وما أَباها رفضوه (٦) ، ووصفوه بالقبحِ (٧)
__________________
(١) فقد كان ابنُ عُيينة يرى لمن قرأ في صلاته بحرف حمزة أو صلّى خلفَ امام قرأ بها أنْ يعيد ، ووافقه على ذلك كثير من الفقهاء منهم بشر بن الحارث المعروف بالحافي (ت / ٢٢٧ هـ) وأحمد بن حنبل. تأويل مشكل القرآن : ٥٩ والقرطبي : ٢ / ١٥.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٢.
(٣) إبراز المعاني : ٤٠٦.
(٤) مدرسة الكوفة : ٣٨٨ ومدرسة البصرة : ٢٣٠ ـ ٢٣١ واللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٥ ـ ٨٦ وسيبويه والقراءات : ٣٥ والدفاع عن القرآن ـ المقدّمة ـ : ج ـ ي.
(٥) اللهجات العربية في القراءات القرآنية : ٨٦ والدفاع عن القرآن : هـ.
(٦) سنورد في الصفحات التالية قراءات رفضها نحاة بصريون ومن تابعهم.
(٧) معاني القرآن للأخفش الأوسط ـ مخطوط ـ : ٨٠ / أ ـ ب ومنهج الأخفش الأوسط : ٤٧ والمحتسب : ٢ / ٣٧٢.