أَنّه إِنَّما جازَ ذَلِك مِنْ حيثُ كانَ عسلٌ وماءٌ هما جنسين ، فكأَ نَّهُ قالَ : يَكونُ مزاجَها العسلُ والماءُ ، فبهذا تسهل هذا القراءة ولا يكون من القبحِ واللحنِ الذي ذهبَ إليهِ الأعمش على ما ظن (١).
هـ ـ تقديم خبر كان عليها
قَرَأَ أُبيّ وابن مسعود : (وَبَاطِلاً مَا كَانُوا يَعْمَلُون) (٢).
قالَ أَبو الفتح : (باطلاً) منصوب بـ (يعملون) ، و (ما) زائدة للتوكيد ، فَكَأَ نَّهُ قال : وباطلاً كانوا يعملون. ومن بعد ففي هذه القراءة دلالة على جواز تقديم خبر كان عليها (٣) ، كقولك : قائماً كان زيدٌ ، وواقفاً كان جعفر.
ووجه الدلالة من ذلك أَنّه إنَّما يجوز وقوع المعمول بحيث يجوز وقوع العامل ، و (باطلاً) منصوب (يعملون) والموضع إذا لـِ (يعملون) لوقوع معمولِه متقدّماً عليهِ ، فكأَ نَّهُ قال : ويعملونَ باطلاً كانوا.
ومثله قول الله تعالى : (أَهؤلاءِ إيّاكُم كَانُوا يَعْبُدون) (٤)؟ استدلّ أَبو علي بذلك على جوازِ تقديم خبر كان عَلَيْهَا ، لاِنَّ (إِياكُمْ) معمول (يعبدون) وهو خبر كان (٥) وإنَّمَا يجوزُ وقوعُ المعمولِ بحيثُ يجوزُ وقوعُ العاملِ على
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ١٦ : (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
(٣) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ١٩٨.
(٤) سورة سبأ : ٣٤ / ٤٠.
(٥) المعروف أنَّ مسألةَ جوازِ تقديمِ خبرِ كان عليها مُتَّفَقٌ عليها بينَ النحاةِ لكنَّ الخلافَ في بعض أخوات كان. وعلى العموم فقد قسَّمَ النُّحَاةُ هذهِ النواسخَ على ثلاثةِ أقسام :
أ ـ كلّ ما ليس في أوّله (ما) يجوز تقديم أخبارها عليها وفي ليس خلاف.
ب ـ وأمَّا ما دام فلا خلافَ في امتناع تقديمِ خبرِهَا عليها.
ج ـ وأمَّا غيرُ ما دام مِمَّا في أوّلِهِ (ما) ففيها خلافٌ بينَ النُّحاةِ.
انظر : الكتاب : ١ / ٢٢ والتمام : ١٧٤ وشرح الكافية : ٢ / ٩٧ والتسهيل : ٥٤ وشرح المفصل : ٧ / ١١٣ وحاشية الصبَّان على شرح الأشموني : ١ / ٢٣٤.