حديثِ المدادِ كما قَرَأَ جعفر بن محمّد عليهما السلام : (والبَحْرُ مِدَادُهُ) (١).
الضمير العائد في الجملة الخبرية
قَرأَ يَحيى وإبراهيم والسُّلَمِي : (أَفَحُكْمُ الجاهليةِ يَبغُونَ) (٢) بالياء ورفع الميم.
قال ابن مجاهد : وهو خَطأ.
قالَ : وقالَ الأعرجُ : لا أَعرِفُ فِي العربية أَفحكمُ ، وقرأَ (أَفحكمَ) ، نَصباً.
قال أَبو الفتح : قول ابن مجاهد إِنَّهُ خطأ فيه سَرَفٌ ، لَكنّهُ وَجهٌ غَيْرهُ أَقوى مِنْهُ ، وهو جَائز في الشعر (٣). قال أَبو النجم :
قَد أَصْبَحتْ أُمُّ الخيار تدَّعي |
|
عليَّ ذَنباً كلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ (٤) |
أَي : لَمْ أَصنعْهُ ، فحذَفَ الهاءَ. نعم ولو نصبَ فقالَ (كلَّه) لَمْ ينكسِرْ الوزنُ ، فهذا يؤنسُك بِأَ نَّهُ ليسَ للضرورةِ مطلقة بل لأن له وجهاً من القياس ، وهو تشبيه عائد الخبر بعائد الحال أَو الصفة ، وهو إلى الحال أَقرب ، لأَ نَّها ضربٌ مِنَ الخبر.
فالصفة كقولِهم : الناسُ رجلان : رجلٌ أَكرمَتَ وَرَجَلٌ أَهنْتَ ، أَي : أكرمتَهُ وأَهنْتَهُ ، والحال كقولِهم : مررتُ بهند يضربُ زيدٌ ، أَي : يَضْرِبُها زَيْدٌ ، فَحَذَفَ عائِدَ الحالِ ، وهو في الصفة أمثلُ ، لِشَبهِ الصفةِ بالصلة في نحوِ قولهِم : أَكْرمْتُ
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ١٦٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٥٠ : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ).
(٣) انظر : إملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢١٨.
(٤) البيت لأبي النجم. انظر : الكتاب ١ / ٤٤ و ٦٤ و ٦٩. وإملاء ما منَّ به الرحمن : ١ / ٢١٨ وهمع الهوامع : ١ / ٩٧ وخزانة الأدب : ١ / ٣٥٩.