أَلاَ تَرَاهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ نَادَى البيتَ ثُمَّ تَرَك خِطَابَهُ وَأَقْبَلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ : بِالعَلْياءِ بَيْتُ ، ثُمَّ رجعَ إِلى خِطَابِ البيتِ فَقَالَ :
...... |
|
وَلَـوْلاَ حُبُّ أَهْلِـك مَـا أَتَيْـتُ (١) |
وَسَأَلَنِي قَدِيماً بَعْضُ مَنْ كَانَ يَأخُذُ عَنِّي ، فَقَالَ : لِمَ لاَ يَكُونُ (بَيْتُ) الثانِي تَكْرِيراً عَلَى الأَوْلِ كَمَا كَانَ قَوْلُ النَابِغَةِ :
يَا دَارَ مَيَةَ بالعَليَاءِ ...... |
|
...... (٢) |
قَولُه : (بالعلياءِ) فِي موضعِ الحَالِ ، أَيْ : يا دارَ ميةَ عَالِيةً مُرْتَفِعَةً ، فَيكُونُ كَقَولِهِ :
...... |
|
يَا بُؤْسَ للجهلِ ضَرَّاراً لاَِقْوامِ (٣) |
هَذَا مَعْنَى ما أَورَدَهُ بَعْدَ أَنْ سَدَّدْتُ السُّؤالَ ومَكَّنْتُهُ فَقُلْتُ : لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ هُنَا ، وذَلِكَ أَنَّهُ لَو كَانَ البيتُ تَكْرِيراً عَلَى الأوَّلِ لَقَالَ : لَوْلاَ حُبُّ أَهْلِكَ مَا أتَيْتُ فيكونُ كَقَولِكَ : يَا زيدُ لَولاَ مكانُكَ ما فَعَلْتُ كَذَا ، وأَنْتَ لاَ تَقُولُ : يا زيد ولَوْلاَ مكانُكَ لَمْ أَفْعَلَ كَذَا (٤) ، فَإِذَا بَطلَ هَذَا ثَبتَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الكِتاب (٥) مِنْ
__________________
(١) البيت لعَمرو بن قعناس وسمّاه الشنتمري عَمرو بن قنعاس. انظر : الكتاب ـ طبعة بولاق ـ : ٣١٢ وكتاب سيبويه ـ تحقيق عبد السلام هارون ـ ٢ / ٢٠٠ ولسان العرب : ٢ / ٣١٩.
(٢) البيت بتمامِهِ :
يا دارَ مَيَّةَ بالعلياءِ فالسَّنَدِ |
|
أقوتْ وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَمَدِ |
الكتاب : ١ / ٣٦٤ وشرح القصائد العشر : ٣٩٣ وأمالي الشجري : ١ / ٢٧٤ وشرح التصريح : ١ / ١٤٠ و ٢ / ٢٤٣ والأشموني : ١ / ٢١٠.
(٣) تنظر : ص : ٣١٠.
(٤) أي : وقد قال الشاعر : ولولا حُبُّ أهلِكَ مَا أتيتُ.
(٥) عبارة سيبويه : لم يجعل بالعلياء وصفاً ولكنَّهُ قال : بالعلياء لي بيتٌ ، وإِنَّمَا تَركتُهُ لك أيّها البيتُ لِحُبِّ أهلِهِ. الكتاب : ١ / ٣١٣.