بين الحجّة والمحتسب في المنهج
يُجمِلُ أبو علي الفارسي منهجَهُ في أَوَّلِ كتابِ الحُجَّةِ حينَ يقولُ : «إنَّ هذا كتابٌ نذكرُ فيه وجوهَ قراءاتِ القُرَّاءِ الذين تثبت قراءتُهم في كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المترجَم بمعرفةِ قراءاتِ أهلِ الأمصارِ بالحجازِ والعراقِ والشامِ ، بعد أنْ تقدَّمَ ذِكْرُ كُلِّ حرف من ذلك حسب ما رواه وأخذناهُ عنهُ. وقد كان أبو بكر محمّد بن السري شرع في تفسير صدر من ذلك في كتاب كان ابتدأ بإملائه وارتفعَ منهُ تبييضُ مَا في سورةِ البقرةِ من وجوهِ الاختلاف عنهم وَأَنا أَسند إِليهِ ما فسَّرَ من ذلك في كتابي هذا» (١).
ويُلخِّصُ ابنُ جِنِّي منهجَهُ في مقدّمةِ كتابِهِ الُمحتَسَب بقولِهِ : «وأنا بإذن اللهِ بادئ بكتاب أَذكرُ فيهِ أَحوالَ ما شذَّ عن السبعةِ وقائلٌ في معناهُ مِمَّا يَمُنُّ بِهِ اللهُ عزَّ اسمُه» (٢).
يُفهَمُ من هذين النَّصَينِ أَنَّ الكتابين لهما موضوعانِ مختلفانِ وليسَ موضوعهما واحداً كما يذهب إليهِ الأساتذة محقّقو المحتسب (٣).
صحيح إنّهما كتابان في الاحتجاج للقراءات ولكن (الحجّة) موضوعهُ
__________________
(١) الحُجَّة : ١ / ٣ ـ ٤.
(٢) المحتسب : ١ / ٣٤.
(٣) المحتسب : ١ / ١٣.