فَإنْ قُلْتَ : فَهَلا جازَ فُعِّلَ حَملاً على معنى كَمْ؟ قِيَل : لو انصُرِفَ عَنِ اللفظِ إلى المعنى لم يَحسُنْ العَودُ مِنْ بعدُ إلى اللفظِ ، وَقَدْ قَالَ تعالى كما تراه : (مَعَهُ) ولم يقلْ مَعَهُمْ (١).
٥ ـ البناء للمفعول بين تعدّي الفعل ولزومه
روى عبد الوهاب عن أَبي عمرو : (وَنُزِلَ المَلاَئِكَةُ) (٢) خَفِيفَةً.
قال أَبو الفتح : هذا غير معروف ، لأَنَّ (نَزَلَ) لا يتعدى إلى مفعول به فيبنى هنا للملائِكة. لأَنَّ هذا إنّما يجيء نَزَلتْ الملائكةَ ونُزِل الملائِكة. ونزلت غير متعدّ كما ترى.
فَإنْ قلت فَقَدْ جاءَ فُعِلَ مِمَّا لاَ يَتَعَدَّى فَعَل مِنهُ ، نحو زُكِمُ ، ولا يُقَالُ زَكَمَهُ الله. وَجُنَّ ولا يُقالُ جَنَّهُ اللهُ. وإنَّمَا يُقالُ أَزَكَمَهُ اللهُ وأَجَنَّه اللهُ ، فَإنَّ هَذَا شَاذٌّ ومحفوظٌ والقياسُ عليهِ مرذول.
فإمَّا أَنْ يكونَ ذَلِك لغةً طارقةً لَمْ تقعْ إلينا ، وإمَّا أنْ يَكونَ على حذفِ المضافِ ، يريد : وَنُزِلَ نُزولُ الملائكةِ ، ثمّ حُذِفَ المضافُ وأُقيمَ المُضَافُ إليهِ على ما مضى ، فَأَقامَ (المَلاَئِكَةُ) مَقامَ المصدرِ الذي كان مضافاً إليها كما فعل ذلك الأَعشى في قولهِ :
أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاك لَيْلَةَ أَرْمَدَا (٣) |
|
...... |
__________________
(١) المحتسب : ١ / ١٧٣.
(٢) من قوله تعالى من سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥ : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً).
(٣) عجزه :
...... |
|
وبِـتَّ كـمَا بـاتَ السـليـمُ مُـسَـهَّدا |