الفَصلِ. وهو قوله : (لَك) فصار طول الكلام به كالعوض من توكيد الضمير بقوله : نحن. وإذَا جاز قوله : (مَاأشرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا) (١) كان الأول من طريقِ الإعرابِ أَمثلَ وَذَلِك أنَّ العوضَ ينبغي أَن يكونَ في شقّ المعوَّض منهُ ، وأن يكون قبل حرف العطف ، وهذه صورة قوله (لك) ، وأمَّا (لا) من قوله تعالى : (وَلاَ آبَاؤُنَا) فإنها بعد حرف العطف فهي في شقّ المعطوفِ نفسهِ ، لا في شقّ المعطوف عليه. والجامِعُ بينَهُما طولُ الكلام بكلِّ واحد منهما ، والمعنى من بعدُ : أَنؤمنُ لك نحن وأَتباعُك الأرذَلُونَ فنعد في مِدَادِهم وهذا هو معنى القول الآخر : أَنؤمن لك وإِنَّما أَتباعك الأَرذَلُونَ فنساويهم في أَنْ نكونَ مرذولينَ مثلَهم (٢)؟
٤ ـ ضمير الفصل (٣)
قرأ سعيد بن جُبَير والحسن ـ بخلاف ـ ومحمّد بن مروان وعيسى الثقفي وابن أَبي إسحاق : (هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ) (٤) بالنصب (٥).
قالَ أَبو الفتح : ذَكَرَ سيبويه هذهِ القراءَةَ وَضَعَّفَها وقالَ فيها : احتَبى ابنُ مروان في لحنه (٦) وإنَّما قبح ذلك عنده لأِ نَّهُ ذَهَبَ إلى أَنَّهُ جَعَلَ (هُنَّ) فصلاً ،
__________________
(١) سورة الأَنعام : ٦ / ١٤٨.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٣١.
(٣) هذه تسمية البصريين ، وهو لا محلّ له من الإعراب عندهم ، وَلَهُ محلّ من الإعراب عند الكوفيين الذين يسمّونه عماداً ودعامة ، وهو عند الفرّاء ومن تابعه مبتدأ وما بعده خبر. انظر : الإنصاف : ٣٧٥ مسألة : ١٠٠ والمفصل : ١٣٣ والتسهيل : ٢٩ وشرح المفصل لابن يعيش : ٣ / ١١٠ وهمع الهوامع : ١ / ٦٨.
(٤) من قوله تعالى من سورة هود : ١١ / ٧٨ : (هَؤُلاَءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).
(٥) تنظر : آراء النحاة التي أثبتناها حول هذهِ القراءة في : ص : ٥٤.
(٦) قال الأساتذة محقّقو المحتسب في المحتسب : ١ / ٣٢٥ : «ليس في الكتاب ذكر للآية