قَالَ أَبو الفتح : (ضَحِكاً) مَنصوبٌ على المصدر بفعل محذوف يَدلُّ عليهِ تَبَسَّم كَأَ نَّهُ قَالَ : ضَحِك ضَحِكاً. هذا مذهبُ صَاحبِ الكتابِ وقياسُ قولِ أَبي عثمانَ في قَوْلِهِم : تَبَسّمتُ وَمِيضَ البرقِ ، أَنَّهُ منصوبٌ بنفسِ (تبَسَّمْتُ) لأَ نَّهُ فِي مَعْنَى أَومَضْتُ وَيَكُونُ (ضَحِكاً) مَنْصُوباً بنفسِ تَبَسَّمَ لأ نَّهُ فِي مَعنَى ضَحِكَ.
وَيَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ صاحب الكتابِ أَنَّهُ قَدْ ثَبتَ أَنَّ المَاضِي والمُضَارِعِ واسمَ الفاعِلِ والمصدرَ يجري كُلَّ واحد مِنْهَا مجرى صاحبهِ. حَتَّى كَأ نَّهُ هو.
ويجب أن تَكُونَ كُلّها من لفظ وَاحد ، كَضَرَبَ يَضْرِبُ ضَرْبَا وَهُوَ ضَاربُ ، فَكَمَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ : قَعَدَ يجلسُ وإنْ كانَا في معنى واحِد دونَ أَنْ يكونَا مِنْ لَفْظ وَاحد وَهُوَ قَعَدَ يَقْعُدُ ولا يجوزُ تَبَسَّمَ يُومِضُ لاختلافِ لَفظِيهِمَا وَإنْ كانَ مَعْنَيَاهُمَا وَاحِداً ، فَكَذلِك لاَ يَجُوزُ تَبَسَّمْتُ وَمَيضَ البرقِ لاختلافِ لَفْظِيهِمَا كَمَا لاَ يجوُزُ تَبَسَّمتُ أُومِض لَكنْ دلَّ تَبَسَّمْتُ على أومضتُ ، فَكَأَ نَّهُ قَالَ : أَومَضْتُ وَمِيضَ البرقِ فاعرف ذَلِكَ وَقِسْهُ بإذنِ اللهِ (١).
وَقَرَأَ محمّد بن كَعْب القُرظَيّ : (وَلَهُم مَا يَدَّعُونَ سِلْمٌ قَوْلاً) (٢).
وَقَرَأَ عيسى الثقفي : (سَلاَماً قولاً) نَصْباً جَميعاً.
قَالَ أَبو الفتح : نَصبَ (قولاً) عَلَى المصدرِ ، أيْ : قالَ اللهُ ذَلِكَ قولاً أَوْ يُقَالُ ذَلِكَ قَوْلاً وَدَلَّ عَلَى الفعلِ المحذوفِ لَفْظُ مصدرِهِ وإنَّمَا القُرآنُ هُوَ أَقوالٌ
__________________
(١) المحتسب : ٢ / ١٣٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة يس : ٣٦ / ٥٧ ـ ٥٨ : (وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلاَمٌ قَـوْلاً مِن رَّبّ رَّحِيم).