غَدَوتُ بِهِم أَمَدَّ ذَوِيَّ ظِلاًّ |
|
وَأَكْثَرَ مَنْ وَرَائِي ماءَ وَادِي (١) |
لا يجوز أَن تَكونَ (مَن) في موضِعِ جرّ بإضافةِ أَكثَر إليهِ ، إذ لَيْسَ واحِداً مِمَّنْ وراءَهُ فَهوَ إذاً منصوبُ الموضعِ لا مَحَالَة بأكثر أو بما دلّ عليه أكثر ، أي : كثرتُهم : كُنت أكَثَرَهُم ماءَ واد.
ولا يجوز فيه الرفع الذي جاز مع العِلْمِ لأنَّ كَثَرت ليسَ مِن الأَفعال التي يجوزُ تعليقها ، إِنَّمَا تِلك مَا كانَ من الأفعالِ داخلاً على المبتدأِ وخبره (٢).
وَقَرأ ابنُ مسعود وسعد بن أَبي وقّاص و [الأئمّة] : عليّ بن الحسين وأَبو جعفر محمّد بن علي وجعفر بن محمّد (عليهم السلام) ، وطلحة بن مُصرِّف : (يسألونك الأنفال) (٣).
قال أبو الفتح : هذهِ القراءة بالنصب مؤدّية عن السبب للقراءة الأخرى التي هي : (عَنِ الأَنْفَالِ) (٤) وَذَلِك أَنَّهُم إنَّما سَأَ لَوهُ عَنهَا تَعَرُّضاً لِطَلَبِهَا ، واستعلاماً لِحَالِها : هل يسوغ طلبُها؟ وهذه القراءة بالنصب أَصرَحَ بالتماسِ الأَنفالِ وبيانٌ عن الغرض في السؤال عنها (٥) ، فَإن قُلتَ : فَهَل يَحَسُنُ أَنَ
__________________
(١) من قصيدة له في مدح أَحمد بن أبي دؤاد. ويروى (أجَلَّ الناسِ قدراً) مكان (أمدَّ ذويَّ ظِلاًّ). انظر : الديوان : ٧٢ والمحتسب : ١ / ٢٢٩.
(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩.
(٣ و ٤) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ١ : (يَسْأَ لُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ).
(٤) أكَّدَ نسبة هذه القراءة إلى أهل البيت (عليهم السلام) الشيخ المفيد في المسائل السروية : ٨٣ ، والشيخ الطوسي في التبيان ٥ : ٧٢ ، والشيخ الطبرسي في مجمع البيان : ٤ / ٤٣٤ لأنَّ الأنفال ليست الغنائم التي غنمها النبيُّ (صلى الله عليه وآله) في الحروب بل هي كلّ ما أخذ من غير المسلمين بغير قتال وكلّ أرض انجلى عنها أهلها سلماً ، وميراثُ مَنْ لا وارثَ لهُ وغير ذلك ممَّا هو مذكور في مواضعِهِ من كتبِ الفقهِ وهي للهِ وللرَّسُول (صلى الله عليه وآله) وبعدَهُ لمَنْ يقومُ