عطف لما فيه من زيادة المعنى في الظلم باعتبار اشتقاق فعل عدا.
والمعنى : أن فرعون دخل البحر يقتصّ آثارهم فسار في تلك الطرائق يريد الإحاطة بهم ومنعهم من السفر ، وإنما كان اتباعه إياهم ظلما وعدوانا إذ ليس له فيه شائبة حق ، لأن بني إسرائيل أرادوا مفارقة بلاد فرعون وليست مفارقة أحد بلده محظورة إن لم يكن لأحد عليه حق في البقاء ، فإن لذي الوطن حقا في الإقامة في وطنه فإذا رام مغادرة وطنه فقد تخلى عن حق له ، وللإنسان أن يتخلى عن حقه ، فلذلك كان الخلع في الجاهلية عقابا ، وكان النفي والتغريب في الإسلام عقوبة لا تقع إلا بموجب شرعي ، وكان الإمساك بالمكان عقابا ، ومنه السجن ، فليس الخروج من الوطن طوعا بعدوان. فلما رام فرعون منع بني إسرائيل من الخروج وشدّ للحاق بهم لردهم كرها كان في ذلك ظالما معتديا ، لأنه يبتغي بذلك إكراههم على البقاء ولأن غرضه من ذلك تسخيرهم.
و (حَتَّى) ابتدائية لوقوع (إِذا) الفجائية بعدها. وهي غاية للإتباع ، أي استمر اتباعه إياهم إلى وقت إدراك الغرق إياه ، كل ذلك لا يفتأ يجدّ في إدراكهم إلى أن أنجى الله بني إسرائيل فاخترقوا البحر ، ورد الله غمرة الماء على فرعون وجنوده ، فغرقوا وهلك فرعون غريقا ، فمنتهى الغاية هو الزمان المستفاد من (إذا) ، والجملة المضافة هي إليها وفي ذلك إيجاز حذف. والتقدير : حتى أدركه الغرق فإذا أدركه الغرق قال آمنت ، لأن الكلام مسوق لكون الغاية وهي إدراك الغرق إياه فعند ذلك انتهى الاتباع ، وليست الغاية هي قوله : آمَنْتُ) وإن كان الأمران متقارنين.
والإدراك : اللحاق وانتهاء السير. وهو يؤذن بأن الغرق دنا منه تدريجيا بهول البحر ومصارعته الموج ، وهو يأمل النجاة منه ، وأنه لم يظهر الإيمان حتى أيس من النجاة وأيقن بالموت ، وذلك لتصلبه في الكفر.
وتركيب الجملة إيجاز ، لأنها قامت مقام خمس جمل :
جملة : تفيد أن فرعون حاول اللحاق ببني إسرائيل إلى أقصى أحوال الإمكان والطمع في اللحاق.
وجملة : تفيد أنه لم يلحقهم.
وهاتان مستفادان من (حتى) ، وهاتان منّة على بني إسرائيل.
وجملة : تفيد أنه غمره الماء فغرق ، وهذه مستفادة من قوله : (أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) وهي