التأييد الإلهي. وقد تقدّم ذكر فرعون وملئه في سورة الأعراف.
وعقب ذكر إرسال موسى ـ عليهالسلام ـ بذكر اتّباع الملإ أمر فرعون لأنّ اتّباعهم أمر فرعون حصل بإثر الإرسال ففهم منه أنّ فرعون أمرهم بتكذيب تلك الرسالة.
وإظهار اسم فرعون في المرّة الثانية دون الضمير والمرة الثالثة للتّشهير بهم ، والإعلان بذمّة وهو انتفاء الرشد عن أمره.
وجملة (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) حال من (فِرْعَوْنَ).
والرشيد : فعيل من رشد من باب نصر وفرح ، إذا اتّصف بإصابة الصواب. يقال : أرشدك الله. وأجري وصف رشيد على الأمر مجازا عقليا. وإنّما الرشيد الآمر مبالغة في اشتمال الأمر على ما يقتضي انتفاء الرشد فكأنّ الأمر هو الموصوف بعدم الرشد. والمقصود أن أمر فرعون سفه إذ لا واسطة بين الرشد والسفه. ولكن عدل عن وصف أمره بالسّفيه إلى نفي الرشد عنه تجهيلا للذين اتبعوا أمره لأنّ شأن العقلاء أن يتطلبوا الاقتداء بما فيه صلاح وأنهم اتبعوا ما ليس فيه أمارة على سداده واستحقاقه لأن يتّبع فما ذا غرّهم باتباعه.
[٩٨ ، ٩٩] (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩))
جملة (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) يجوز أن تكون في موضع الحال من (فِرْعَوْنَ)[هود : ٩٧] المذكور في الجملة قبلها. ويجوز أن تكون استئنافا بيانيا.
والإيراد : جعل الشيء واردا ، أي قاصدا الماء ، والذي يوردهم هو الفارط ، ويقال له: الفرط.
والورد ـ بكسر الواو ـ : الماء المورود ، وهو فعل بمعنى مفعول ، مثل دبح. وفي قوله: (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) استعارة الإيراد إلى التقدّم بالناس إلى العذاب ، وهي تهكّمية لأن الإيراد يكون لأجل الانتفاع بالسقي وأمّا التقدّم بقومه إلى النار فهو ضد ذلك.
و (يَقْدُمُ) مضارع قدم ـ بفتح الدّال ـ بمعنى تقدّم المتعدي إذا كان متقدّما غيره.
وإنما جاء (فَأَوْرَدَهُمُ) بصيغة الماضي للتّنبيه على تحقيق وقوع ذلك الإيراد وإلّا