عقوبة له وكرامة لموسى ـ عليهالسلام ـ.
وجملة : تفيد أنه لم يسعه إلا الإيمان بالله لأنه قهرته أدلة الإيمان. وهذه مستفادة من ربط جملة إيمانه بالظرف في قوله : (إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ). وهذه منقبة للإيمان وأن الحق يغلب الباطل في النهاية.
وجملة : تفيد أنه ما آمن حتى أيس من النجاة لتصلبه في الكفر ومع ذلك غلبه الله.
وهذه موعظة للكافرين وعزة لله تعالى.
وقد بني نظم الكلام على جملة : (إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ) ، وجعل ما معها كالوسيلة إليها ، فجعلت (حتى) لبيان غاية الاتباع وجعلت الغاية أن قال : (آمَنْتُ) لأن اتباعه بني إسرائيل كان مندفعا إليه بدافع حنقه عليهم لأجل الدين الذي جاء به رسولهم ليخرجهم من أرضه ، فكانت غايته إيمانه بحقهم. ولذلك قال : (الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) ليفيد مع اعترافه بالله تصويبه لبني إسرائيل فيما هدوا إليه ، فجعل الصلة طريقا لمعرفته بالله ، ولعدم علمه بالصفات المختصة بالله إلا ما تضمنته الصلة إذ لم يتبصر في دعوة موسى تمام التبصر ، ولذلك احتاج أن يزيد (وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لأنه كان يسمع من موسى دعوته لأن يكون مسلما فنطق بما كان يسمعه وجعل نفسه من زمرة الذين يحق عليهم ذلك الوصف ، ولذلك لم يقل : أسلمت ، بل قال أنا من المسلمين ، أي يلزمني ما التزموه. جاء بإيمانه مجملا لضيق الوقت عن التفصيل ولعدم معرفته تفصيله.
وسيأتي قريبا في تفسير الآية التي بعد هذه تحقيق صفة غرق فرعون ، وما كان في بقاء بدنه بعد غرقه.
وقرأ الجمهور (آمَنْتُ أَنَّهُ) بفتح همزة (أنه) على تقدير باء الجر محذوفة. وقرأه حمزة والكسائي وخلف ـ بكسر الهمزة ـ على اعتبار (إنّ) واقعة في أول جملة ، وأنّ جملتها بدل من جملة (آمَنْتُ) بحذف متعلق فعل (آمَنْتُ) لأن جملة البدل تدل عليه.
[٩١ ، ٩٢] (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ (٩٢))
مقول لقول حذف لدلالة المقام عليه ، تقديره : قال الله. وهو جواب لقوله : آمَنْتُ) [يونس : ٩٠] لأنه قصد بقوله ذلك طلب الإنجاء من الغرق اعترافا لله بالربوبية ، فكأنه وجه