وإحساساً وتحسّباً وقراءةً وخطاباً وفهماً واستيعاباً وشموليّةً وإحاطةً وعمقاً وظرافةً وهدوءاً وسكينةً وصرخةً وبرهاناً وثباتاً وقوّةً وحزماً وعزماً وأناةً وتوازناً ورحمة وشدّة ....
إنّها منهجٌ وممارسةٌ متمخّضة عن فكر راق وإحساس مرهف وتفاعل مسؤول ، تلك إفرازات العقل «المطبوخ» بالمؤن والأدوات المذكورة أعلاه ; فكلّ واحدة منها بحدّ ذاتها محور وقطب في تكوين النضج المطلوب المنتج للعقلانيّة المرتقبة .. وكلّ واحد من هذه المحاور والأقطاب له في دوائره وحلقاته مناهج وأنساق قد تفضي إلى كسب المراد «الصحيح» وقد لا تفضي إليه .. فليس الأمر بذاك السهل الهيّن حتى يبدو للوهلة الاُولى وكأ نّه ناتج عن لا شيء ، أو أنّه حصاد السجايا والخصال الذاتيّة ... بل العمليّة شاقّة صعبة للغاية ، فهي ـ أي العقلانيّة ـ ممارسةٌ تؤدّي إلى العودة للمركز بعد التشتّت والانفلات والزيغان ، وإصلاحٌ لما عطل ، وتجميعٌ لما تناثر وتفكّك ، وتوليدٌ للمفتقر إليه ، سواء كان عنصره موجوداً وتلف أم لم يكن أساساً ، آخذةً بعين الاعتبار الماضي والحاضر والمستقبل ، متجاوزةً عقبة الزمان والمكان ، مازجةً بين الأصالة والابداع ، بين التراث والتجديد ، نابذةً التبعيّة والتقليد العمياويّين ..
إنّ إعادة الاُمور إلى نصابها الصحيح واتّخاذ التدابير اللازمة للطوارئ المحتملة والحاصلة لا يأتي إلاّ عبر فهم آفاق العقل والروح والتجربة والوحي والعلم والنسبيّ والمطلق ، الفهم المؤدّي إلى معرفة كيفيّة تحليل النصّ والمادّة والتعامل الصحيح مع الإشكاليّات الموجودة والوارد