كل واحد من هذه الأشياء هذا الضرب الذي يعرف بصورة كذا ، فاختصت العرب لكل ضرب من هذه الضّروب اسما على معنى الذي تعرفها به لا تدخله النكرة ، وتركوا في هذه الأشياء الاسم الذي تدخله المعاني المعرّفة والمنكرة ، ويدخله التعجب ، وتوصف به الأسماء المبهمة ؛ يعني لم يجعلوا لهذه الأشياء اسما ينكّر ، كرجل وأسد ، وتدخله الألف واللام كالرجل ، والأسد ، ويدخله التعجب كقولك : هذا الرجل ، وهذا الأسد ، إذا كنت ترفع من شأنه ، ووصف الأسماء المبهمة نحو قولك : هذا الرجل قائم.
قال : (فكأنّ هذا اسم جامع لمعان) يعنى : رجل وأسد ؛ لأنه يتصرف في ضروب من المعاني ، وابن عرس يراد به معنى واحد ، كما أريد بأبي الحارث ويزيد معنى واحد واستغني به ، وفيما ذكر من هذه الأسماء المعارف ابن مطر ، وهو معرفة ، وهو دويبة حمراء تظهر غبّ (١) المطر ، وجمعه بنات مطر ، وأما ابن ماء : فطائر طويل العنق يتنكّر إذا نكّرت الماء ، ويتعرّف إذا عرّفته ، قال ذو الرمة في تنكيره :
وردت اعتسافا والثريّا كأنّها |
|
على قمة الرأس ابن ماء محلّق |
محلّق نكرة وهو نعت ابن ماء ، وقال أبو الهندي :
مقدّمة قزّا كأنّ رقابها |
|
رقاب بنات الماء أفزعها الرّعد (٢) |
يصف أباريق خمر يشبّه رقابها برقاب هذه الطير ، وعرّفها بإدخال الألف واللام على الماء ، وقد تقدم القول بأنّ ابن لبون وابن مخاض نكرتان ، وأنهما يتعرفان بإدخال الألف واللام. قال جرير :
وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن |
|
لم يستطع صولة البزل القناعيس (٣) |
وقال الفرزدق :
وجدنا نهشلا فضلت فقيما |
|
كفضل ابن المخاض على الفصيل (٤) |
قال : (وقد زعموا أن بعض العرب يقول : هذا ابن عرس مقبل ، فرفعه على وجهين ، فوجه مثل : هذا زيد مقبل ، ووجه على أنه جعل ما بعده نكرة فصار مضافا
__________________
(١) الغب بالكسر : عاقبة الشيء.
(٢) البيت في شرح ابن يعيش ١ / ٣٥.
(٣) البيت في شرح ابن يعيش ١ / ٣٥ ، وفي اللسان (لبن).
(٤) ديوانه : ٦٥٢ ، وشرح ابن يعيش ١ / ٣٥.