فإن قلت : أمضافة إلى معرفة أم إلى نكرة؟
فإنك قائل : إلى معرفة ولكنّها أجريت مجرى النكرة ، كما أنّ مثلك مضافة إلى معرفة وهي توصف بها النكرة وتقع مواقعها ، ألا ترى أنك تقول : ربّ مثلك ، ويدلك على أنها نكرة أنه لا يجوز لك أن تقول : ربّ رجل وزيد ، ولا يجوز لك أن تقول : ربّ أخيه ، حتى يكون قد ذكرت قبل ذلك نكرة.
ومثل ذلك قول بعض العرب : كلّ شاة وسخلتها ، أي : وسخلة لها ، ولا يجوز حتى تذكر قبلها نكرة فيعلم أنّك لا تريد شيئا بعينه ، وأنك تريد شيئا من أمة كل واحد منهم رجل وضممت إليه شيئا من أمة كلهم ، يقال له :
أخ ، ولو قلت : وأخيه تريد به شيئا بعينه كان محالا ، وقال الشاعر :
أي فتى هيجاء أنت وجارها |
|
إذا ما رجال بالرجال استقلّت) (١) |
وجارها جر عطف على فتى ، ومعناه : أيّ فتى هيجاء أنت ، وأي جار هيجاء أنت ، وجارها : نكرة لأنّ أيّ إذا أضيفت إلى واحد لم يكن إلا نكرة لأنه في معنى الجنس ، كقولك : أيّ رجل زيد ، ولا تقل : أيّ غلامك زيد ، فجارها وإن كان مضافا إلى ضمير هيجاء نكرة مجرورة بإضافة أيّ إليه في التقدير ، ولا يجوز أن يكون رفعا لأنه إذا رفع فهو على أحد وجهين :
إمّا أن يكون عطفا على أنت ، أو عطفا على أيّ.
فإن كان عطفا على أنت صار غير أنت ، وصار شريك أنت في المدح ، وكأنه قال :أيّ فتى هيجاء أنت وزيد ، وتكون الهاء في جارها ضمير مؤنث غير هيجاء ، كأنه قال : أنت وجار هند وما أشبهها ، وإن قدّر أنت وجار الهيجاء ، فجار الهيجاء ليس برجل يعرف ، وليس قصد الشاعر إلى هذا وإن كان عطف ، وجارها على أيّ كان الكلام بإعادة حرف الاستفهام واحتاج أن تقول : أيّ رجل عندك ، وأزيد عندك؟ ومتى قال : وجارها لم يكن فيه أي : جارها الذي هو التعجب ، قال الأعشى :
وكم دون بينك من صفصف |
|
ودكداك رمل وأعقادها |
__________________
(١) البيت منسوب لكثير عزة ، سيبويه ١ / ٢٤٤.