بالوحي ، وكشفه النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه ، وليس بحقيقة الإيحاء ، فهذا طريق واضح واحتجاج صحيح من سيبويه والذي ردّ على سيبويه ذهب إلى الظاهر من الوحي الذي هو نزول الملك عليه ، وليس ذلك ممّا يضعه النبي صلىاللهعليهوسلم ، وجعل هذا القائل الهاء في واضعه للذي صنعتم كأنه قال : وفينا رسول الله عنده الوحي مبين ما صنعتم ، ولو قدم واضعه على هذا التأويل ، فقال : وفينا رسول واضعه ، لجاز لأن الهاء ترجع إلى الصنيع ، وقد تقدم ذكره في واضعه معنى آخر ، وهو أن يكون من قولنا :
وضعت الشيء ، أي : وضعت منه وأسقطته ، فيكون وضع النبي صلىاللهعليهوسلم لصنعهم إسقاطه وإبطاله. وفيه وجه آخر :
أن يكون الوحي مبتدأ ، وواضعه : خبره ، وعنده : ظرف لواضعه ، أو تقدير الكلام. وفينا رسول الوحي واضع ما صنعتم عنده.
قال : (فاعلم أنك إذا نصبت في هذا الباب ، فقلت : مررت برجل معه صقر صائدا غدا ، فالنصب على حاله ، لأنّ هذا ليس بابتداء ولا يشبه فيها (عبد الله قائم غدا) لأن الظروف تلغى حتى يكون المتكلم كأنه لم يذكرها في هذا الموضع ، فإذا صار مجرورا أو عاملا فيه فعل أو مبتدأ لم يلغه لأنه ليس يرفعه الابتداء.
وفي الظروف إذا قلت فيها : أخواك قائمان. ترفعه بالابتداء).
قال أبو سعيد : في هذا الفصل من كلام سيبويه ما يختلف في معناه ، والذي أقوله :
إن سيبويه أراد أن إلغاء الظرف ورفع ما بعده على الابتداء والخبر لا يجوز في هذا الموضع ، كما يجوز في المبتدإ الذي ليس قبله شيء كقولك مبتدئا : معك زيد قائما وقائم بالرفع والنصب ، فإن نصبته جعلت معك خبر زيد ، وجعلت زيدا مبتدأ ، ونصبت قائما على الحال ، وإن رفعت قائما ألغيت معك وقدّرت زيد قائم ، وقائم رفع لأنه خبر ، وكذلك فيها عبد الله قائم ، يجوز إلغاء فيها ورفع قائم فيكون التقدير : عبد الله قائم ، ولا يجوز الإلغاء إذا اتصل الظرف بما يكون نعتا له أو خبرا أو حالا إذا كان مع الظرف الضمير العائد إلى الأول ، وذلك قولك في نعت المجرور : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ، وفي المنصوب الذي يعمل فيه : رأيت رجلا معه صقر صائدا به غدا ، وفي المبتدإ : زيد معه صقر صائدا به غدا.
وهذا معنى قوله : (فإذا صار مجرورا أو عاملا فيه فعل أو مبتدأ لم تلغه) ، وإلغاؤه