أرضعت ، وعلى ترضع. وأمّا قوله : ((وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(١) ، و (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)(٢) ، و (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ)(٣) فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لما ذكرهم بالسجود ، وصار النمل بتلك المنزلة حين حدثت عنه كما تحدّث عن الأناسى ، وكذلك في فلك يسبحون ، لأنها جعلت في طاعتها ، وفي أنه لا ينبغي لأحد أن يقول :
مطرنا بنوء كذا ، ولا ينبغي لأحد أن يعيد شيئا منها بمنزلة ما يعقل من المخلوقين ، ويبصر الأمور.
قال النابغة الجعديّ :
شربت بها والديك يدعو صباحه |
|
إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (٤) |
وكان القياس بنات نعش واحدها ابن ، لأن ما لا يعقل من المذكر يجمع في جمع السلامة والتكسير ، كالمؤنث ألا ترى أنك تقول : حمّام وحمّامات ، وسرادق وسرادقات ، وتقول : جمل بارك ، وجمال بوارك ، ولا تقل رجل بارك ، ورجال بوارك ، وحمل بنو نعش على ما يعقل لما كان دورها على مقدار لا يتغير ، فكأنها تقدر ذاك الدور وتعقله.
قال : (فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تؤمن وتطيع وتفهم الكلام وتعيد بمنزلة الآدميين.
قال : وسألت الخليل عن ما أحسن وجوههما ، فقال : لأن الاثنين جمع ، وهذا بمنزلة قول الاثنين ، نحو : دخلنا ولكنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما يكون منفردا وبين ما يكون شيئا من شيء).
المنفرد نحو : ثوب ودار وفرس إذا ثنّي هذا الضرب ، فالوجه لفظ التثنية كقولك : ثوبان وداران وفرسان.
والذي هو شيء من شيء نحو : وجه ورأس وبطن وظهر وقلب ، وهو من حيوان
__________________
(١) سورة يس ، الآية : ٤٠.
(٢) سورة يوسف ، الآية : ٤.
(٣) سورة النمل ، الآية : ١٨.
(٤) ديوان النابغة الجعدي / ٤ ، الخزانة ٣ / ٤٢١.