إلى ما يبين فيه الإعراب لقلت : مررت برجل شر ما يكون شر منك شر ما تكون ، وكذلك : مررت برجل خير ما يكون خير منك خير ما تكون ، وهو أخبث منك إذا كنت أخبث منك إذا كنت أخبث ما تكون.
وهذا كله على التقدير الذي ذكرته لك ، ونصبه على الحال ، والعامل كان ، وإن شئت فقلت مررت برجل خير ما يكون أي : خير أحواله ، وخير منك خير ، والتقدير : خير أحواله خير من أحوالك وهذا كلام على المجاز والمستعمل أن تقول : زيد خير منك ، أو حال زيد خير من أحوالك فتخبر عن الأول بما يشاكله ، وإنما جاز أن تقول : خير أحواله خير منك على نحو مجاز قولهم : نهارك صائم وليلك قائم ، وإنما معناه : صاحب نهارك ، وصاحب ليلك ، والمخاطب هو صاحب الليل والنهار ، ثم قال سيبويه :
(وتقول : البرّ أرخص ما يكون قفيزان ، أي البرّ : أرخص أحواله التي يكون عليها قفيزان) ، وذكر الفصل.
قال أبو سعيد : البرّ : مبتدأ ، وأرخص ما يكون : مبتدأ ثان ، وقفيزان : خبر المبتدأ الثاني ، والجملة : خبر للبرّ ، والعائد إليه محذوف ، تقديره : أرخص ما يكون منه ومعناه : أرخصه قفيزان ، والحذف في هذه الأشياء مطرد ، وقد مضى نحوه ، فأما البيت الذي أنشده سيبويه وهو :
الحرب أوّل ما تكون فتيّة |
|
تسعى ببزّتها لكلّ جهول (١) |
ففيه ثلاثة أوجه : وجه يرفع فيه : أول ، وفتية.
والثاني : نصب أول ورفع فتية.
والثالث : رفع أول ونصب فتية.
فمن رفع أول وفتية وأنت تكون ، فإنه جعل الحرب مبتدأ وأول مبتدأ ثان ، وفتية خبر أول وكان حقه أن يكون أول فتى ، لأنه خبر أول ، وأول مذكر ، ولكنه حمله على المعنى ، وأنث لأن المعنى أول أحوالها ، نحو قولك : بعض أحوالها ، فأنث المضاف لتأنيث المضاف إليه ، كقولهم :
__________________
(١) البيت لعمرو بن معديكرب شرح ديوان الحماسة للمرزوقي / ٢٥٢ ، ٣٦٨ ، وشروح سقط الزند / ١٦٧٨.