أفي السّلم أعيارا جفاء وغلظة |
|
وفي الحرب أشباه النّساء العوارك) (١) |
هجاهم بما شاهدهم عليه من التنقّل والتلون بكونهم في حال السّلم مثل الحمير من جفوتهم وغلظتهم على الأهل ، وفي الحرب مثل النساء الحيّض من اللّين والانقباض توبيخا لهم ، لأنهم في الحالين على طريق الذم.
(وقال آخر :
أفي الولائم أولادا لواحدة |
|
وفي العيادة أولادا لعلّات) (٢) |
وهذا أيضا ذمّ لهم مشبّه بالأول ، لأنه وصفهم بالنّهم والتواصل من أجل الطعام ، فإذا كانوا في الولائم كانوا متآلفين كأنهم إخوة بنو أمّ واحدة ، وفي قضاء حقوق بعضهم لبعض متقاطعين متهاجرين ، كأنهم أولاد علات.
(وأمّا قول جرير :
أعبدا حلّ في شعبي غريبا |
|
ألؤما لا أبا لك واغترابا (٣) |
فيكون نصب عبدا على وجهين : على النداء ، وعلى أنّه في حال افتخار واجتراء قد شاهده عليه ، فقال : أعبدا ، أي : اتفتخر عبدا ، كما قال : أتميميا.
فإن أخبرت في هذا الباب على هذا الحد نصبت أيضا كما نصبت في حال الخبر في الاسم الذي أخذ من الفعل ، وذلك قولك : أتميميّا قد علم الله مرّة وقيسيّا أخرى ؛ فلم يرد أن يخبر القوم بأمر قد جهلوه ؛ ولكنه أراد أن يشتمه بذلك ، وصار بدلا من اللفظ بقولهم : اتتتمّم مرّة وتتقيّس أخرى!.
وأتمضون وقد استقبلكم هذا ، أتنقلون وتلوّنون ، فصار هذا هكذا ؛ كما كان تربا وجندلا بدلا من الفعل ، وقد مثّل هذا الفعل الذي جعل هذا بدلا منه).
وكان في نسخة أبي بكر محمّد بن عليّ مبرمان (٤) بدلا من تربت وجندلت وفي
__________________
(١) البيت منسوب لهند بنت عتبة في السيرة النبوية لابن هشام ـ ج ٢ ق ١ ص ٦٥٦ ؛ خزانة الأدب ٣ : ٢٦٣ ؛ شرح أبيات سيبويه ١ : ٢٥٢.
(٢) بدون نسبة في : شرح أبيات سيبويه ١ : ٢٥٣ ؛ المقتضب ٣ : ٢٦٥.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) هو محمد بن علي بن إسماعيل النحوي العسكري البصري أخذ من السيرافي ، له مؤلفات منها : كتاب علل النحو ، وكتاب شكر النعم ، الفهرست ٦٠ ، معجم الأدباء ١٨ : ٢٥٤.