قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح كتاب سيبويه [ ج ٢ ]

شرح كتاب سيبويه [ ج ٢ ]

227/504
*

وكذلك يتّصل الإتعاب بالمسير ، فلذلك أدخل الفاء.

قال سيبويه : (وإن شئت رفعت هذا كلّه فجعلت الآخر هو الأوّل ، فجاز على سعة الكلام. كقول الخنساء :

ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت

فإنّما هي إقبال وإدبار (١)

على معنى : فإنما هي صاحب إقبال وإدبار ؛ فجعل إقبال وإدبار في موضع مقبلة ومدبرة على سعة الكلام ، كقولك : نهارك صائم وليلك قائم).

قال أبو سعيد : فجعل النّهار صائما ، والنحويّون يقدّرون مثل هذا على تقديرين : أحدهما : أن يقدّروا مضافا إلى المصدر وهو الاسم الأوّل ، ويحذفون كما يحذفون في (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(٢). كأنه قال : صاحب إقبال وصاحب إدبار ، وصاحب نهارك صائم ، وصاحب ليلك قائم فيحذفون المضاف.

والوجه الثاني : أن يكون المصدر في موضع اسم الفاعل من غير إضافة فيكون إقبال في موضع مقبلة ، والنهار صائم مجازا كما قال عزوجل (وَالنَّهارَ مُبْصِراً)(٣). وكما قال :

" أمّا النّهار ففي قيد وسلسلة" (٤)

وكما قال تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٥).

ومثله قولهم : رجل عدل ، وماء غور ، ودرهم ضرب ، على معنى : رجل عادل ، ودرهم مضروب ، وماء غائر.

وكان الزجّاج يأبى إلا الوجه الأول.

ومما يقوّي الوجه الثاني أن نقول : رجل ضخم وعبل ، وليسا بمصدرين لضخم وعبل ، وقد جعلا في موضع اسم الفاعل ، ومصدرهما : عبل عبالة ، وضخم ضخما.

__________________

(١) البيت للخنساء : ديوانها : ٧٢ ؛ الخصائص ٢ : ٢٠٥ ؛ شواهد القرطبي ٢ : ٩٨.

(٢) سورة يوسف ، الآية : ٨٢.

(٣) سورة يونس ، الآية : ٦٧.

(٤) هذا صدر بيت منسوب للجرنفش بن زيد الطائي في شرح أبيات سيبويه ١ : ٢٣٧. وعجزه :

والليل في قعر منحوت من الساج

(٥) سورة النبأ ، الآية : ٣٣.