قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح كتاب سيبويه [ ج ٢ ]

شرح كتاب سيبويه [ ج ٢ ]

209/504
*

الفعل وجعلت بدلا من اللفظ بالفعل على مذهب أرادوه من الدّعاء ، فلا يجوز تجاوزه ؛ لأنّ الإضمار والحذف اللازم وإقامة المصادر مقام الأفعال حتّى لا تظهر الأفعال معها ليس بقياس مستمرّ فيتجاوز فيه الموضع الّذي لزموه.

قال : (ومثله عددتك ، وكلتك ، ووزنتك ، ولا تقول : وهبتك ، لأنّهم لم يعدّوه ، ولكن وهبت لك).

وكان المبرد يقول : إنّما قالوا : عددتك ، ووزنتك ، وكلتك في معنى : عددت لك ، وكلت لك ، ووزنت لك ، لأنّه لا يشكل ، ولم يقولوا : وهبتك في معنى : وهبت لك ، لأنّه يجوز أن يهبه ، فإذا زال الإشكال زال ، وهو أن يقول : وهبتك الغلام ، أي : وهبت لك ، وإنّما ذكر سيبويه كلام العرب أنّهم يحذفون حرف الخفض في عددتك ووزنتك وكلتك وإن لم يذكر المعدود والمكيل والموزون ، كما قال عزوجل (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)(١).

ولا يجوز مثل ذلك في وهبتك ، لأنّ ما كان أصله متعدّيا بحرف لم يجز حذفه ، وإن لم يكن ليس إلا فيما حذفته العرب ، ألا ترى أنه لا يجوز مررتك ولا رغبتك على معنى : رغبت فيك ، وحكى أبو عمرو الشّيباني (٢) عن بعض العرب : انطلق معي أهبك نبلا ، يريد أهب لك نبلا وهذا يؤيد قول أبي العبّاس.

قال سيبويه : (وهذا حرف لا يتكلّم به مفردا إلا أن يكون معطوفا على ويلك ، وهو قولك : ويلك وعولك).

وهذا كالإتباع الذي لا يؤتى به إلا بعد شيء يتقدمه ، نحو : أجمعين وأكتعين ، فإن قال قائل : عولك لا يجري مجرى الإتباع لأمرين :

أحدهما : أن فيه الواو ، والإتباع المعروف لا يكون بعد واو.

والآخر : أن عولك معنى معروف ، لأنّه من عال يعول ، كما تقول جاز يجوز ، والعول هو : البكاء ، والحزن معروف.

__________________

(١) سورة المطففين ، الآية : ٣.

(٢) إسحاق بن مراد أبو عمرو الشيباني الكوفي يعرف بأبي عمرو والأحمر وليس من شيبان بل أدب أولادا منهم فنسب إليهم كان راوية أهل بغداد واسع العلم باللغة والشعر له النوادر ـ النوادر الكبير أشعار القبائل. الفهرست : ٦٨ ، معجم الأدباء ٦ : ٧٧ ، تهذيب اللغة ١ : ٦.