الإنسان أو يشربه من السم وغيره.
قال : وصار" فاها" بدلا من اللفظ بقولك : دهاك الله وإنما جعله بدلا من هذا تقريبا ؛ لأنه فم الداهية في التقدير ، فذكر الفعل المتصرف من الداهية والفعل المقدر في هذا ونحوه ليس بشيء معين لا يتجاوز ، قال أبو سدرة الأسدي :
تحسّب هوّاس وأيقن أنني |
|
بها مفتد من واحد لا أغامره |
فقلت لها فاها لفيك فإنّها |
|
قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره (١) |
يصف الأسد ، والهوّاس من أسماء الأسد ، وتحسّب : تحسّس ، يقال : فلان يتحسّب الأخبار ، أي : يتحسّس ، ويجوز أن يكون تحسّب في معنى : حسبته فتحسّب ، مثل : كفيته فاكتفى).
قال أبو سعيد : والذي أحفظ في هذا" وأيقن أنني" معناه : أنه عرض لناقة له فحكى عن الأسد أنه توهم أنني أدع الناقة وأفتدي بها من لقاء الأسد ، وواجه هو الأسد و" لا أغامره" : ولا أقاتله ، لا أرد معه غمرات الحرب ، وتكون تحسّب من المحسبة ، وأنني : مفعول المحسبة ، وتكون الرواية : " وأقبل معطوفا على تحسّب" يكون التقدير : تحسب هوّاس أنني مفتد بها من واحد لا أغامره وأقبل ، كما تقول : حسب زيد أنني قائم وأقبل ، ولو قلت : حسب زيد وأقبل بأنني قائم لجاز ، كما تقول : ضربت وضربني زيدا على معنى : ضربت زيدا وضربني ، " فقلت له" : يعني الأسد" فاها لفيك : دعاء عليه بإصابة الداهية له وهو على وجه التهدد ، " فإنها قلوص امرئ" يعني الناقة التي أراد أخذها الأسد ، قال : والدليل على أنه يريد بها الداهية ما أنشده سيبويه :
وداهية من دواهي المنو |
|
ن تحسّبها الناس لا فا لها (٢) |
" لا فا لها" في موضع خبر المحسبة ، كما تقول : حسبت زيدا لا غلام له ، وإنما ذكر هذا تعظيما لأمرها ، أي : لا يدري الناس كيف يأتونها ويتوصلون إلى دفعها.
__________________
(١) خزانة الأدب ٢ : ١١٦ ، ١١٨ ، ورواية البيت الثاني في الخزانة : (له) بدلا من (لها) ؛ شرح المفصل ١ : ١٢٢.
(٢) خزانة الأدب ٢ : ١١٧ ؛ تاج العروس (فوه).