ليقم عمرو ، ومع هذا فإنما الأمر إنما يكون بمواجهة المخاطب وتنبيهه وندائه ، فقد يوضع كثير من الأصوات في موضع الأمر للإنسان وللبهائم ، كقولك للإنسان : مه وصه ، وللناقة : حل ، وللجمل : حوت ، وللحمار : تشوه.
وهذه الأشياء لا تقع إلّا في أمر فجعلوا ـ إليك ، وعليك ، ووراءك ، ودونك ـ بمنزلة هذه الأصوات التي يؤمر بها ، فالقياس ألّا يقع هذا في غير الأمر ، فإذا قلت : إليك فقال : إليّ فقد جعل إليّ بمعنى أتنحّى وهو خبر ليس بأمر ، وهذا شاذّ مخالف لقياس الباب.
فإذا قلت : عليك زيدا ودونك زيدا على معنى خذ زيدا فلا يجوز أن تقول : عليّ زيدا ودوني زيدا على معنى آخذ زيدا ؛ لأن ذلك لا يجوز في غير الأمر ، وقد يجوز أن تقول : عليّ زيدا على غير هذا المعنى إذا أردت ائتني بزيد فيكون في باب الأمر ، ولا يجوز أن تقول : دوني زيدا إذا أردت ائتني بزيد وذلك إذا قلت : عليّ زيدا فقد عدّيته إلى زيد وإليك بحرف الجرّ ، وإذا قلت : عليك زيدا فإنما عديته إلى زيد وإلى المخاطب بحرف الجر ، فقد توسّعت العرب في هذا الفعل فعدّته مرّة إلى المتكلم بحرف الجرّ ومرّة إلى المخاطب ولم تتوسّع في دونك وعندك لأنهم لم يقولوا : دوني وعندي ، ولا يجب أن نقيس ذلك لأنّه قد يجوز أن يكون فعل منه متعدّ ولا يتعدى نظيره. ألا ترى أنك تقول : علقتك وعلقت بك ، ولا يجوز في مررت بك مررتك.
قال : وحدّثني من سمعه أنّ بعضهم قال : عليه رجلا ليسنى ، وهذا قليل شبّهوه بالفعل.
يعني أنه قال : عليه فأمر غائبا ، وقد روي مثل هذا عن النبي صلّى الله عليه وعلى آله أنّه قال : " من استطاع منكم الباءة فليتزوّج وإلّا فعليه الصوم ، فإنّه له وجاء" (١).
وإنما أمر الغائب ، فهذا الحرف على شذوذه ، لأنه قد جرى للمأمور ذكر فصار بالذّكر الذي جرى له كالحاضر فأشبه أمره أمر الحاضر ، ولو كان المأمور اسما ظاهرا لم يجز ؛ لأنه لا يجوز أن تقول : على زيد عمرا ، وإذا قلت عليك زيدا فللمخاطب ضميران :
__________________
(١) صحيح البخاري ٢٠ : ٦٦ كتاب النكاح. صحيح مسلم ٢ : ١٠١٨ ، ١٠١٩ كتاب النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه.