واعلم أن هذا الباب مشتمل على أسماء وضعت موضع فعل الأمر ، ولا يجوز أن يذكر الفعل معها وهي مشتقة من لفظه وليست بالمصادر المعروفة للفعل كقولك : " ضربا زيدا" في معنى" اضرب ضربا". فمن ذلك" رويد زيدا" وهو مبنيّ ، وكان الأصل فيه أن يبنى على السكون لأنه واقع موقع الأمر ، والأمر مبنيّ على السكون فاجتمع في آخره ساكنان الياء والدال فحرّكت الدال لاجتماع الساكنين ، وكان الفتح أولى بها استثقالا للكثرة من أجل الياء التي قبلها كما قالوا : أين وكيف ففتحوا ، ورويد تصغير إرواد ، وإرواد مصدر أرود ، ومعنى أرود : أمهل ، وصغّروه تصغير الترخيم لحذف الزوائد وهي الهمزة التي في أولها ، والألف التي هي رابعها.
وقال الفرّاء : (١) " إن رويد تصغير رود" ، والذي قاله ، البصريون أولى لأن أرود يقع موقع" رويد" ، و" رود" لا يقع في موقعه فلأن يكون مأخوذا ممّا يقع موقعه ويطابقه في المعنى أولى.
ومنها هلمّ زيدا إنما يريد : هات زيدا والأصل فيه : ها لمّ زيدا ولكنهم جعلوهما كشيء واحد وأسقطوا الألف منها ، وجعلوه بمنزلة الأسماء التي سمّى الفعل بها مثل : " رويد" ، و" حذار" ، و" دراك" ولم يثن ولم يجمع ولم يؤنث كما لم يثن" رويد" و" دراك" ، وهذه لغة أهل الحجاز؟
قال الله عزوجل : (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا)(٢). فوحّدوا ، وبنو تميم يثنون ويجمعون ويؤنثون ، وقد ذكرنا هذا فيما مضى.
قال : (ومنها قول العرب : " حيّ هل الثريد").
جعلوا حيّ وهل بمنزلة شيء واحد ، وفتحوها وأقاموها مقام اسم الفعل فلم تثن ولم تجمع ، وجعلوا" حيّ هل الثريد" بمنزلة ائتوا الثريد ؛ وربما اكتفت العرب ب" حيّ" فعدّوه بحرف الجر قالوا : " حيّ على الصلاة" وربما اكتفوا بهل ، قال النابغة الجعدي :
__________________
(١) هو يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور ، أبو زكريا الديلمي أخذ عنه الكسائي وهو من أبرع الكوفيين له مصنفات في النحو واللغة. الفهرست ٧٣ ، ٧٤. بغية الوعاة ٢ : ٣٣٣.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ١٨.