أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنبأ الجوهري ، أنا أبو عمر ، أنبأ عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا الواقدي ، قال (١) : وأبو العاص بن الربيع أسره خراش بن الصمة حد [ثنيه](٢) إسحاق بن خارجة بن عبد الله ، عن أبيه قال : قدم في فدائه عمرو بن الربيع أخوه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا أبو طاهر المخلص ، نا أبو الحسين رضوان بن أحمد ، نا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (٣) ، حدّثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، قال :
خرج أبو العاص بن الربيع تاجرا إلى الشام ـ وكان رجلا مأمونا ـ وكانت معه بضائع لقريش ، فأقبل قافلا ، فلقيته سرية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فاستاقوا عيره وأفلت ، وقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما أصابوا ، فقسمه بينهم ، وأتى أبو العاص حتى دخل على زينب فاستجار بها ، فسألها أن تطلب له من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ردّ ماله عليه وما كان معه من أموال الناس ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم السرية فقال لهم : «إنّ هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ولغيره مما كان معه ، وهو فيء الله الذي أفاء عليكم ، فإن رأيتم أن تردّوا عليه فافعلوا ، وإن كرهتم فأنتم وحقكم» فقالوا : بل نردّ عليه يا رسول الله ، وردوا والله عليه ما أصابوا ، حتى إن الرجل ليأتي بالشنّة (٤) ، والرجل بالإداوة (٥) ، والرجل بالحبل ، فما تركوا قليلا أصابوه ولا كثيرا إلّا ردّوه عليه ، ثم خرج حتى قدم مكة ، فأدّى على الناس ما كان معه من بضائعهم حتى إذا فرغ قال : يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم معي مال لم أردّه عليه. قالوا : لا فجزاك الله خيرا ، قد وجدناك وفيا كريما. فقال : أما والله ما منعني أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلّا تخوّف (٦) أن تظنوا بي أني إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم ، فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا عبده ورسوله.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا عيسى بن علي ، أنا
__________________
(١) رواه الواقدي في المغازي ١ / ١٣٩.
(٢) لم يظهر من اللفظة إلا «حد» ثم بياض ، والمستدرك عن المغازي.
(٣) الخبر في سيرة ابن هشام ٢ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
(٤) الشنة : السقاء البالي ، أو القربة الخلق.
(٥) الإداوة : إناء صغير من جلد.
(٦) بالأصل : تخوفا ، خطأ ، والمثبت عن سيرة ابن هشام.