بينا أنا سائح في بعض الجبال ، إذ سمعت صدى جبل فقلت إن هاهنا لأمرا ، فاتبعت الصوت فإذا بهاتف يهتف ، يقول : يا من آنسني بذكره ، وأوحشني من خلقه ، وكان لي عند مسرتي ، ارحم اليوم عبرتي ، وهب لي من معرفتك ما أزداد به تقرّبا إليك ، يا عظيم الصنيعة إلى أوليائه ، اجعلني اليوم من أوليائك المتقين. قال : ثم سمعت صرخة ولا أرى أحدا. فأقبلت نحوها ، فإذا بشيخ أنا ساقط مغشيا عليه ، فتبدى بعض جسده ، فغطيت عليه ، ثم لم أزل عنده حتى أفاق ، فقال : من أنت؟ فقلت : رجل من بني آدم. قال : إليك عني ، فمنكم هربت إلى ربي. وانطلق وتركني. فقلت : رحمك الله ، دلّني على الطريق. فقال : هاهنا. وأومأ بيده إلى السّماء.
وقال ابن أبي الدنيا : قال محمّد بن الحسين : حدّثني أحمد بن سهل ، حدّثني أبو فروة السائح ، وكان والله من العاملين لله بمحبته ، قال : بينا أنا أطوف في بعض الجبال ، فذكر نحو ما مضى.
٨٧٦٠ ـ أبو فضالة الشامي
قال يمدح أبا حوي عمرو بن حوي السكسكي الدمشقي (١) :
قد علمت سكسك في حربها |
|
بأنه يضرب بالسيف |
ويطعن القرن غداة الوغى |
|
ويحضر الجفنة للضيف |
ويملأ الأعساس (٢) من قارص (٣) |
|
علّ ماء المزن في الصيف |
ويؤمن الخائف حتى يرى |
|
كأنه من ساكني الخيف |
عنيت عمرو بن حوي ولم |
|
أبتغ سوى القصد بلا حيف |
٨٧٦١ ـ أبو الفضل الموسوس
كان من أبناء النعم ، وذوي الفضل ، خولط في عقله عند موت أليفة له.
حكى عنه أبو الفرج عبد الواحد بن نصر بن محمّد المخزومي الشاعر ، المعروف بالببغاء.
__________________
(١) تقدمت الأبيات في ترجمة أحمد بن محمد بن فضالة قالها يمدح عمرو بن حوي ، تاريخ دمشق ٥ / ٤٤١ طبعة دار الفكر.
(٢) الأعساس جمع عس ، وهو القدح الضخم.
(٣) القارص : الحامض من اللبن.