آنس ما كنت بها أوحشت |
|
أوطانها من أنس أوطاني |
أحرز نفسي مستبدّا بها |
|
دوني وأبقى لي جثماني |
ففي فمي عضب (١) وفي عنقي ال |
|
غلّ وفي رجليّ قيدان |
فانظر إلى حالي ، ولا تأمن الدّ |
|
هر وإن جاد بإحسان |
فإنّها الدّنيا التي ما صفا (٢) |
|
سرورها قطّ لإنسان |
ثم كشف لي عن قيده لأراه ، وتنفس ، وتتابعت دموعه ، فتبعته باكيا ، فلما رأى قلقي احتبس دمعه واسترجع شهيقه ، وأنشأ يقول :
ما لي داء سوى الفراق |
|
أما كفى الدهر ما ألاقي |
ما علموا حين قيدوني |
|
أني من الهم في وثاق |
ثم قال : قد آسيت بالعبرة ، وشركت في الروعة والحسرة ، وعرفت من ذلك موضع رعايتك ، وأنا أسألك التوصل إلى تنفيس كربي بأن تسأل المتولي للمداواة إعفائي مما يلزمني شربه بما عنده أنه دوائي ، ولا يعلم أي مريض أشف وعليل شغف ، فإني أقاسي من ذلك ما أتمنى معه الموت. فضمنت أن أفعل له ذلك ، وقلت للكاتب : يجب أن يميّز هذا الرجل فيما يتداوى به. فسأل الطّبّ عن أرفه الأدوية ، فأشار جميعهم بمواصلة دهن البنفسج على رأسه ، وإصلاح أغذيته ، والاستكثار من الروائح الطيبة. ورتبت ذلك ، ورجعت إليه وعرّفته. فدعا لي وسألني المواصلة ، فنهضت. فلما كان بعد أيام عرّفني الكاتب بموته ، فصرت إلى قبره وزرته.
٨٧٦٢ ـ أبو الفضل الدينوري المقرئ
حدّث بصيدا عن أبي بكر الدقي (٣).
روى عنه أبو عبد الله محمّد بن علي الصوري الحافظ.
٨٧٦٣ ـ أبو الفضل بن خيران ولي الدولة
قال أحمد بن علي بن الفضل بن الفرات : أنشدني لنفسه :
__________________
(١) العضب : الشتم والتناول ، يقال : عضبه بلسانه : تناوله وشتمه. والعضب : الشلل. (تاج العروس).
(٢) في مختصر أبي شامة : صفي.
(٣) هو محمد بن داود ، أبو بكر الدينوري ، ترجمته في سير أعلام النبلاء (١٢ / ٢٧٦ ت ٣٢٩٤) ط دار الفكر.