إلى رجل على يمينه فقال : يا أبا بكر ، ما ترى ما قد جرى على صاحبك؟ فقال : يا رسول الله ، فما أصنع به؟ قال : أتفل في فيه. فتفل أبو بكر الصدّيق في فيّ ، ومسح رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ظهري ، فزال ما كنت أجده ، وانتبهت ببرد ريق أبي بكر رضياللهعنه. فناديت الرجل الذي أنا في بيته ، فقام الرجل إليّ ، ولم يكن سمع مني كلمة منذ دخلت إلى داره. فقال : ما حالك؟ فأخبرته خبري وسألته ماء أتطهر به ، فأسخن لي ماء فتطهّرت طهور الآخرة ، وجاءني بثياب ونفقة ، وقال : هذه فتوح من إخوانك ، فلبست وتطيّبت. فقال لي الرجل : أين تمرّ. الله ، الله فيّ ، لا يعلم أحد أنك كنت عندي فأهلك. فقلت له : لا بأس عليك. وجئت إلى منارة مسجد عمر رضياللهعنه ، وأذنت الغداة : الصلاة خير من النوم ، وقلت قصيدة في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما تمت إلّا والعبيد قد أحدثوا بالمنارة ، وأخذوني إلى الوالي ، وأراد أن يستنطقني ، ولم يكن رآني قبلها ولا رأيته ، فقال لي : من أين أنت؟ قلت : من واسط العراق. فقال لي : يا هذا ، إني عبد مملوك ، وأخاف من أصحاب الأخبار أن يكتبوا بأمرك فأومر بقتلك فأخلد بك في النار ، فأقل ما يجب لي عليك أن لا تقيم في بلدي ساعة واحدة. فقلت : تسمح لي ببياض هذا اليوم؟ فقال : أفعل. فخرجت من عنده. فجئت إلى الصخرة ، وأقمت بها بقية يومي ، وصلّيت العتمة ، وجاء الإخوان مودعين ومسلمين عليّ ، وجاء من أحداث البلد نحو سبعين ومعهم بهيمة ومعهم السّلاح والنشّاب ، وخرجت معهم حتى عبروا بي وجئت إلى عمار ، فوجدت عربا تمضي إلى الكوفة ، فاكتريت ومضيت معهم فأتيت واسط فوجدت الوالدة تبكي عليّ ، فدخلت عليها فساعة رأتني غشي عليها من الفرح ولم أذكر لها شيئا مما جرى عليّ ، وأنا كل سنة أحج وأسأل عن القدس ، لعله تزول دولتهم فأرجع إلى القدس لعلي أموت فيه. قال ورأيته طلق اللسان التام. فقلت له : ما هذه اللثغة من قطع اللسان فقال لي : لا أنا كنت ألثغ قبل من غير أنه كان في لسانه قبل قليل رحمة الله عليه.
٨٧٧٠ ـ أبو القاسم بن أبي يعلى الشريف الهاشمي (١)
قام بدمشق وقام معه جماعة من أحداث دمشق وغوطتها وقطع [دعوة](٢) المصريين
__________________
(١) انظر أخباره في الكامل لابن الأثير ٥ / ٣٥٩ ـ حوادث سنة ٣٥٨ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٣٦٩ وأمراء دمشق ص ٨٦ والنجوم الزاهرة ٤ / ٣٣.
(٢) سقطت من مختصر أبي شامة واستدركت عن تحفة ذوي الألباب.