عتبة بن أبي لهب رقية أو أم كلثوم (١) ، فلما بادى قريشا بأمر الله قالوا : إنكم قد فرّغتم محمّدا من بناته ، فردّوهن عليه ، فاشغلوه بهن ، فمشوا إلى العاص فقالوا : فارق صاحبتك ونحن نزوّجك أيّ امرأة شئت من قريش ، فقال لا ها الله لا أفارق صاحبتي ، وما أحبّ أنّ لي بامرأتي امرأة من قريش ، ثم مشوا إلى الفاسق عتبة بن أبي لهب ، فقالوا : طلّق ابنة محمّدا ونحن نزوّجك أي امرأة من قريش شئت ، فقال إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص ، أو بنت سعيد بن العاص فارقتها ، فزوجوه ابنة سعيد بن العاص ففارقها ، ولم يكن دخل بها ، وأخرجها الله من يديه كرامة لها وهوانا عليه ، وخلف عليها عثمان بن عفان ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا ، وكان الإسلام قد فرّق بين زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين أبي العاص حين أسلمت إلّا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان لا يقدر على أن يفرّق بينهما.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، نا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر الواقدي ، قال (٢) : فحدّثني المنذر بن سعد ، عن عيسى بن معمر ، عن عباد بن عبد الله ، عن عائشة أنها قالت :
لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في فداء زوجها أبي العاص بن الربيع ، قال : وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة ، يقال إنها من جزع (٣) ظفار ، كان خديجة بنت خويلد أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى بها ، فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم القلادة عرفها ورقّ لها ، وذكر خديجة ورحّم عليها. وقال : إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردّوا إليها متاعها ، فعلتم ، فقالوا : نعم يا رسول الله ، فأطلقوا أبا العاص بن الربيع ، وردوا على زينب متاعها ، وأخذ النبي صلىاللهعليهوسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها ، فوعده ذلك ، وقدم في فدائه عمرو بن الربيع أخوه ، وكان الذي أسره عبد الله بن جبير بن النعمان ، أخو خوّات بن جبير.
رواه محمّد بن سعد ، عن الواقدي ، عن المنذر بن سعد مولى أبي أسد بن عبد العزى بمعناه. وقال عن عائشة : إنّ أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدرا مع المشركين ، فأسره عبد الله بن جبير بن النعمان الأنصاري ، فذكره.
__________________
(١) قال السهيلي : كانت رقية بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت عتبة بن أبي لهب ، وأم كلثوم تحت عتيبة ، فطلقاهما بعزم أبيهما عليهما وأمّهما حين نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ).
(٢) رواه الواقدي في المغازي ١ / ١٣٠ ـ ١٣١.
(٣) جزع ظفار : ضرب من الخرز فيه بياض وسواد ، وقد اشتهرت به ظفار ، وهي من اليمن.